مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 55 - الجزء 1

  فصنع هذه الفروع لمن كان له صنع الأصول، لا ينكر ذلك منكر ولا يدفعه إلا بمكابرة فطر العقول، كما قال الله سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ٧١ ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ٧٢ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ٧٣}⁣[الواقعة]. فكل ما نبه به⁣(⁣١) من هذا ودل عليه فداع من معرفته سبحانه إلى ما دعا إليه.

  ومن ذلك أيضاً فقوله تبارك وتعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٧}⁣[الحديد] فإذا كانت حياة الأرض بعد موتها موجودة، وميتتها التي كانت تعلم قبل إحيائها مفقودة، فلا بد اضطرار ثابتاً ويقينا لا تدفعه النفوس باتا من إثبات مميتها ومحييها؛ إذ بان أثر تدبيره فيها بأكثر ما⁣(⁣٢) يعقل من الآثار، وأكبر مما تعرفه النفوس من الأقدار، مما لم ير له في⁣(⁣٣) الحياة قط مؤثر، ولم يوجد له من المدبرين قط مدبر، إلا من يزعم أنه من الله لا منه، ومن يقر أنه من الله دونه، مثل المسيح بن مريم وغيره ممن أعطيه من ولد آدم.

  ومن تعريفه القريب وتوقيفه العجيب قوله سبحانه: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥}⁣[المؤمنون]، فلما كانت الأرض مملوكة ومن فيها بما تبين من أثر الملك عليها ثبت مالكها عند معاينتها غير مدفوع، ووجد صانعها باضطرار غير مصنوع.

  ومن توقيفه أيضاً وتعريفه قوله سبحانه: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ٨٦}⁣[المؤمنون]، فلما وُجِدَ ما وقف الله سبحانه عليه من ذلك مربوباً غير متمنع بما تبين فيه من شواهد كل مربوب متخشع وُجِدَ ربُّها كلها بيقين مبتوت


(١) في (أ): ما نبه له.

(٢) في (أ): مما.

(٣) في (أ): من.