[أقوال من قال بجعفر من الروافض في الإمام والرد عليهم]
  وانكشف الستر، وكان فريق في الجنة وفريق في السعير، واستبان للخلق المطيع من العاصي، والكافر من المؤمن، والصالح من الطالح، فكم من مستور عليه يُجَرُّ إلى عذاب أليم، وكان عند الناس على خلاف ذلك في دار الدنيا.
  ولو رأى أحد ممن وصفت الروافض من الأنبياء والأئمة من غير أن يُخبَر لم يكونوا يموتون بالسم، ولم يكونوا ليأكلوا السم فيعينوا على أنفسهم بالقتل وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩]، أوليس من أكل شيئاً من السم وهو يعلم أن فيه نفسه فقد أعان على قتلها؟ فإن زعموا أنهم أكلوا السم من الخوف يقال لهم: من أي شيء يخاف؟ فإن زعموا أنه إنما يخاف من القتل فقل لهم: أوليس قتله في السم؟ فلا يأكل حتى يقتل مظلوماً خير له من أن يقتل نفسه وهو معين عليها.
  وكيف يعلم وقد قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}[الأحقاف: ٩]، يعني من حوادث الدنيا، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[التوبة: ١٠١]، فكيف يرى أعمال العباد؟! هذا كتاب الله يكذب قولكم. ولو كان الأمر على ما وصفتم لم يقل تبارك وتعالى بخلاف قولكم، لقوله: {لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[التوبة: ١٠١]. وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان: ٣٤]، فهل أصحابكم إلا من الأنفس. وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}[النحل: ٧٣]، فقد جمعت هذه الآية جميع ولد آدم؛ لأن كل ولد آدم خرجوا من بطون النساء، كل نبي وغيره، وقد أخبرنا أنهم لم يعلموا شيئاً حتى عُلِّموا، وقد قال تصديق ما قلنا في محكم كتابه: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشورى: ٥٢]، وجميع دعواكم مُكَذِّب له كتابُ الله، فيا سبحان الله ما أعظم ما تقولون! وهل الشرك إلا دون ما تزعمون؟