[أقوال من قال بجعفر من الروافض في الإمام والرد عليهم]
  فإن زعموا أنهم يجهلون تأويل كتاب الله والنظر فيه، وتحتجون علينا بشيء وتأويله خلاف ما تظنون يقال لهم: كيف ذلك؟
  فإن زعموا أنه ليس لأحد ينظر في تأويل كتاب الله ولا يحتج به إلا الأئمة يقال لهم: أخبرونا عن القرآن كله ليس لأحد ينظر في تأويل كتاب الله، ولا يحتج به إلا الأئمة، ولا يتدبره إلا هم؟
  فإن قالوا: نعم فقل لهم: فَلِمَ يتعلم الناس كتاب الله وهم لا يتدبرون فيه؟ وكيف وقد كَذَّبَ الله قولكم بقوله تبارك وتعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ٢٤}[محمد]، أفترى هذا قال الله للأئمة؟!
  فإن قالوا: نعم فقل: أفلا ترى أن الله قد عاب أئمتكم إذ تركوا تدبر كتاب الله، وعابهم فقال: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ٢٤}[محمد]؟
  فإن قالوا: ليس هذا في الأئمة، وإنما هذا العوام أن ينظروا في كتاب الله.
  يقال لهم: أفلا ترون أن الله ألزم العباد النظر في كتابه، وقد قال تبارك وتعالى: {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ}[البقرة: ١٠١]، أوليس عابهم لما تركوا النظر في كتابه، ومعرفة ما أمرهم به ونهاهم عنه، ومعرفة الأولياء من الأعداء، فَلَمَّا تركوه عابهم بذلك! وقد قال رسول الله ÷ فيما رويتم وروينا: «أيها الناس، خلفت فيكم الثقلين فتمسكوا بهما لا تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي». وقد قال ÷: «أيها الناس، قد كُذِبَ على الأنبياء الذين كانوا من قبلي، وسيكذب علي من بعدي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فهو مني، وإن لم يوافق كتاب الله فليس مني»، فكيف كان يدعونا رسول الله ÷ ويأمرنا بشيء ليس لنا فيه النظر؟ لقوله: «اعرضوه على كتاب الله».
  وقوله ÷: «تمسكوا بالثقلين»، فإن كان الإمساك بالقرآن هو القراءة فقد قرأه جميع أهل الأهواء، فهم ممن حفظ وصية رسول الله ÷ وتمسكوا