[صفة الإمام]
  فإن زعموا أن رسول الله ÷ كتم حين ظهر.
  يقال لهم: ومتى كتم رسول الله ÷؟ أوليس قال الله لنبيه: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنْذِرْ ٢}[المدثر]، وقال رسول الله ÷ وهو مستند إلى الكعبة والناس يومئذ مشركون جهال عبدة أوثان، فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، لم يتق أحداً من خلقه، واحتمل الأذى، وصدع بأمر الله، وقام بحق الله، واحتج على خلق الله، وصبر على ما أصابه، حتى أبلغ ÷ السامع والعاصي، والخاص والعام، والأسود والأبيض(١)، فمرة يرمون ساقيه، وأخرى يرمونه، ويتشاورون في قتله، فثبتت حجته على الخلق.
  فإن زعمتم أن الأئمة يقومون مقام الأنبياء فالواجب عليهم أن يحتملوا الأذى كما احتمله الأنبياء.
  ولا يكون حجة إلا داعياً إلى الله مجتهداً، زاهداً فيما في أيديكم(٢)، عالماً بحلال الله وحرامه، أقوم خلق الله وأبصره بدينه، وأرأفه بالرعية، وأقومه لدين الله، أمين الله في أرضه، صادق اللسان، سخي النفس، راغباً فيما عند الله، زاهداً في الدنيا، مشتاقاً إلى لقاء الله.
  فإن زعموا: أن هذا في صاحبهم.
  يقال: أوليس إظهار التقية استبقاء على نفسه من الموت، ورغبة في دار الدنيا على أن يترك فيها ولا يفطن له فيقتل؟ فليس هذا الزهد ولا الرغبة؛ إذ أظهر من نفسه خلاف ما يعلم من الحق. فسبحان الله ما أبين تكذيب دعواكم! وأبطل قولكم وعيب ما أنتم فيه؛ إذ يرى فيكم ضعفاء فقراء محاويج، من شيخ ضعيف، أو أرملة ضعيفة، أو يتيم طفل، أو مديون مغموم، أو عزب محتاج إلى
(١) في (ب): والأسود والأحمر.
(٢) في (أ): زاهداً بما في أيديهم. وفي (ب): لما في أيديكم.