[صفة الإمام]
  الأموال من غير أن يقسمها في المستضعفين، فكيف يسعنا أن نقول فيه: هو حجة وليس يرى فيه صفة الحجج؟!
  وأما قولكم: إنه يعلم ما نفعل ويعلم ما سرائرنا، ونحن نرى فيكم شُرَّاب الخمور، ونرى فيكم الزنا واللواط، وأخذ أموال الناس، وظلم العباد، والتقاطع والجفاء، والمسير بغير ما أمر الله، والقتل، وزعمتم بأنه يعلم منكم هذه الخصال؛ إذ زعمتم أنه يرى أفعال(١) العباد وهو يتولاكم على هذه الخصال التي فيكم، فإن كان يتولاكم على هذا فليس من الله في شيء، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود: ١١٣]، وقوله: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٢٩}[النجم]، وقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة: ٢٢]، وقال تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التحريم: ٩]، وقال لنبيه ÷: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف: ٢٨]، فقد أمره الله سبحانه أن لا يتولى أصحاب الدنيا، ويصبر على الذين يريدون الآخرة، فلم نر من صاحبكم إلا طلب الدنيا مجتهداً للمكاثرة.
  وإن كان وصفتم(٢) من الأشياء ما ليس فيه وزعمتم أنه يرى أفاعيل العباد وأعمالهم، وهو شاهد عليهم، وليس فيه الذي وصفتم بأنه يرى أفاعيل العباد، فإن كان يرى على ما وصفتم من أفاعيلكم فليس له أن يتولاكم، ولا يأخذ منكم شيئاً من عرض الدنيا، وإن كان لا يرى منكم ما وصفتم فيه فقد كفرتم وعبدتموه من دون الله، وهل هذه إلا صفة رب العالمين؟! أيرى ما غاب عنه،
(١) في (أ): أفاعيل.
(٢) في (أ): وصفهم.