مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[صفة الإمام]

صفحة 546 - الجزء 1

  ويسمع من غير أن يُسمع، وأن يعلم ما في قلوبكم من غير أن يُخبَر؟! فتعالى الله عما تقولون علواً كبيرا، ما أعظم افتراءكم على الله إذ شاركتم في فعله أحداً من خلقه، وكيف يكون ذلك كما زعمتم وهو يقول: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}، ثم قال: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ٢٧}⁣[الجن]، يعني سبحانه: بالوحي؛ لقوله: {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ٢٧} الوحي فقد أخبر بأن لا يعلم الغيب إلا الله ومن ارتضى من رسول، يوحي إليه بخبر ما يريد، فإذا مضى رسول الله انقطع الخبر والوحي، وحجب عن الخلق أمر الوحي وعلم الحادثات سوى علم ما جاءت به الأنبياء، وبعلم الأنبياء يشهدون، فكيف يعلم أحد الغيب من غير وحي الله عن أن يحويه قول أو يناله.

  فإن زعمتم أن في الأرض اليوم من يوحى إليه فقد زعمتم أنه نبي؛ لأنه لا يكون الوحي إلا إلى لنبي، وإنما سمي نبياً لأنه نبأ عن الله، فمن أنبأ عن الله فهو نبي، فويلكم متى آمنتم بالله وقد كذبتم كتاب الله؟! لقوله: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}⁣[الأحزاب: ١٠]، فكيف يكون محمد خاتم النبيين وقد نصبتم الأنبياء من بعده؟

  ويقال للروافض: أخبرونا عن أعراب البادية والمستضعفين الذين لا يعلمون لصاحبكم اسماً ولا نسباً هل لصاحبكم عليهم حجة؟

  فإن قالوا: نعم.

  يقال لهم: هل بَلَغَتُهم منه الحجة فيكون حجة عليهم؟

  ويقال للروافض: هل لصاحبكم أن يتبع أثر رسول الله ÷ ويكون تابعاً لرسول الله # لا مخالفاً له؟

  فإن قالوا: نعم هو تابع لرسول الله ÷.

  يقال لهم: هل رأيتم فيه ما رأيتم في رسول الله ÷ من الزهد وغير ذلك؟

  فإن قالوا: نعم. يقال لهم: فهل رأيناه فَرَّج على أحد منكم أو غَيَّر حاله؟ وقد رأينا