[صفة الإمام]
  خالفكم، ووصفتم فيه ما لم يدعه هو لنفسه، مثل علم الغيب، ومثل قولكم يرانا في كل بلاد، ويرى حالنا وأعمالنا وأفاعيلنا، ويسمع كلامنا، ويخبرنا أنا نرجع إلى الدنيا بعد موتنا، وأشباه هذا مما لو وصفناه لكثر وطال؟!
  فيا سبحان الله! أوليس يكفي دون ما وصفنا لمن وهب الله له أدنى فهم، واستقر في قلبه أدنى إيمان، أن يعرف اختلاف قولكم، وتكذيب دعواكم، وعيوب ما أنتم فيه من باطلكم(١)، ولكن الله يهدي لدينه من يشاء.
  زعمتم يخبركم لمعرفته بقبولكم، ويكتم غيركم لمعرفته بجحودهم، فسبحان الله ما أبين هذا الفعل أنه مضاد لفعل رسول الله ÷؛ إذ زعمتم أن صاحبكم يقوم مقام رسول الله ÷، ويهتدي بهدي رسول الله #، ويفعل أفاعيل رسول الله ÷، أفهكذا كان فعل رسول الله ÷ أن يكتم بعضاً ويخبر بعضا؟ أو أخبر الجميع قَبِلَهُ من قبله وعصاه من عصاه؟
  فإن زعمتم أنه أخبر بعضاً وكتم بعضاً فقد عظم فراؤكم على رسول الله ÷، وزعمتم بأنه لم ينصح للعباد؛ إذ نصح قوماً دون قوم، وزعمتم بأنه لم يبلغ رسالات الله إلا قوماً دون قوم، ويلكم وكيف وقد قال الله لنبيه أن يبلغ الناس لقوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، ولقوله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧]، فوعده أن يحفظه ممن كان يحذره رسول الله ÷ ويخلي أهله، فأبلغ الثقلين الجن والإنس عامة كافرهم ومؤمنهم، فقبل من قبل، وعصى من عصى، فكان حجة لمن قبل، وحجة على من عصى، وعلى أهله(٢)، وبدون هذا يكتفي المؤمن.
  وأول من حاز الوصية وادعى علم آدم قوم يقال لهم الإبراهيمية، وجعلوا الوصية وراثة من أب عن أب، وهم من الهند يقال لهم الإبراهيمية، وهم سادات البلاد،
(١) في (أ، ب): وعيوب ما أنتم فيه وباطلكم.
(٢) في (نخ): ويخلي أهله.