مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[صفة الإمام]

صفحة 553 - الجزء 1

  فرحم الله عبداً تفهم ونظر لنفسه قبل لقاء الله، ونظر في سنة الماضين وما ارتكبوا من البدع والضلالة، وما جحدوا من الحق والبيان، وحذر أن يكون كأحدهم.

  وإنما صفة الإمام الحسن في مذهبه، الزاهد في الدنيا، العالم في نفسه، بالمؤمنين رؤف رحيم، يأخذ على يد الظالم⁣(⁣١)، وينصر المظلوم، ويفرج عن الضعيف، ويكون لليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالزوج العطوف، يعادي القريب في ذات الله، ويوالي البعيد في ذات الله، لا يبخل بشيء مما عنده مما تحتاج إليه الأمة، من أتاه مسترشداً أرشده، ومن أتاه متعلماً علمه، يدعو الناس مجتهداً إلى طاعة الله، ويبصرهم عيوب ما فيه غيهم، ويرغبهم فيما عند الله، لا يحتجب عمن طلبه، فهو من نفسه في تعب من شدة الاجتهاد، والناس منه في أدب، فمثله كمثل الماء الذي هو حياة كل شيء، حياته تمضي وعلمه يبقى، يصدق فعله قوله، يعرف منه الخاص والعام، لا ينكر فضله من خالفه، ولا يجحد علمه من خالطه، كتاب الله شاهد له ومصدق له، وفعله مصدق لدعواه، وشواهده في كتاب الله، والدليل عليه كتاب الله، يقول الله تبارك وتعالى لنبيه ÷: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}⁣[يوسف: ١٠٨]، من الدعاة من أهل بيتي.

  أليس وصف لنا رب العالمين هاهنا بأن حجته داع إليه، كما بدأ برسول الله ÷ فقال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}⁣[يوسف: ١٠٨]، فقال رب العالمين: إن الحجج هم الدعاة، فمن رأيتم من أهل بيت نبيكم دعا إلى الله علانية غير مكتتم إلا ما قلنا؟ فإن أنكرتم لم تنكر الأمة الذين قالوا بخلاف قولنا وقولكم، فلنا عليكم البيان من غير أهل مقالتنا بأن قوماً من أهل بيت النبي مخصوصين دعوا⁣(⁣٢) إلى الله، وجاهدوا في سبيل الله، وقاتلوا وقتلوا، ومضوا إلى الله على سبيل جدهم محمد ÷ وعلي والحسن والحسين، الذين جاهدوا في الله حق جهاده حتى أتاهم اليقين.


(١) في (أ، ب): بيد الظالم.

(٢) في (ب): بأنهم دعوا.