مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 59 - الجزء 1

  المؤتلف الذي لا يختلف قدر على خلق الواحد المشتبه من الأشتات التي لا تأتلف، كخلقه سبحانه لأُحْدَان ما خلق من الدر واللحمان من مختلف البحار وأشتاتها بأبين اختلاف من أجاجها وفراتها، فجعل سبحانه منها مع خلافه بينها لحماً واحداً مشتبهاً طرياً، ولباساً واحداً من الدر حسناً بهياً، وحمل سبحانه على ظهورها مع خلافه بينها في أمورها الفلك المشحون السائر، وردها بعد التفريغ فيه مواخر، ليعلم من عجيب تدبير أمرها واختلاف الحال في مسيرها إذ تسير شاحنة مالية كما تسير ماخراً خالية، وإذ تسير بحاليها جميعاً في أجاج البحار كما تسير بهما في فرات الأنهار - أن لها لَمُسَيِّراً لا تختلف في قوته الأشياء، ومدبراً قويا لا تساويه الأقوياء، وأن تسييرها مقبلة ومدبرة وشاحنة في البحرين وماخرة، إلى من يدبر ما سارت به من مختلف الرياح المسيِّرات، ومن يملك ما جرت فيه من الماء الأجاج والفرات، ومن له ملك ما لولا هو لم تكن الرياح الجاريات، ولم يوجد الملح من المياه ولا الفرات.

  ومن إيلاجه سبحانه الليل في النهار، وما قدر بهما من المواقيت والأقدار، وتسخيره سبحانه للشمس والقمر اللذين بهما دبر مسير الفلك في البحار كل مدبر، كان لتدبيره - في المسير بهما في بحر - حكمة، أو فيهما لفلك بعد الله من نجاة عصمة، لما جعل سبحانه فيهما من الضياء، وبصر بهما في المسير من القصد للأشياء، وبصر تبارك وتعالى بغيرهما إذا فقد في ظلمة الليل ما جعل من البصر بتسخيرهما من النجوم السير التي جعلها الله هدى للسارين في الظلمات، سروا في البحار أو كان سراهم في الفلوات، كما قال الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٩٧}⁣[الأنعام].

  وتسخير ما ذكر الله سبحانه من الشمس والقمر، وتسخيره لغيرهما من النجوم السير، فظاهر بحمد الله غير متوار ولا خفي، يبصره عيانا كل ذي عقل