السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #
  حيي، لما فيها من آيات التسخير، وبين ما معها(١) من دليل التدبير، بتفاوت نورها وغيره من أمورها، في السرعة والإبطاء والظهور والخفاء، والرجوع والتحير، والدؤوب في التدور، فهي راجعة في المسير ومتحيرة، ومقبلة بالدؤوب(٢) ومدبرة، فهذه حال المسخَّر غير مرية ولا شك، جرى بها فلكها أو كانت جارية بأنفسها في الفلك. والتفاوت بينهما في الضياء فكغيره من التفاوت بين الأشياء، ولا يقع حكم التفاوت أبداً بين متفاوت إلا كان له وفيه مَن فاوت بينه في حاليه، وكان مملوكا اضطرارا غير مالك، وكان ملكه لمن أسلكه من التفاوت في تلك المسالك. وكذلك حال تفاوت(٣) هذه النجوم يجري من الله فيه بحكم محكوم، ولله سبحانه من ملك كل نجم وفلك ما له من ملك كل مملوك، والحمد لله إله الآلهة وملك الملوك، ومدبر كل نجم وغيره بما لا يخفى من أثر تدبيره في الهيئة والتصوير، والمقام والتحيير والتيسير، ذلك قوله سبحانه فيما وصفنا من قدرته على خلق الواحد المشتبه من شتيت الأصناف، وخلقه للكثير المختلف من الواحد الذي ليس بذي اختلاف، وما ولي الله سبحانه من تدبير النجوم وتسخيرها، وإجراء الفلك في مختلف البحار وتيسيرها، وإيلاجه سبحانه الليل في النهار، وتقديره لذلك كله بأحسن الأقدار: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٢ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ١٣}[فاطر]، فصدق الله تبارك وتعالى،
(١) في (أ، ج): وبين معها.
(٢) في (أ): للدؤوب.
(٣) في نسخة: حكم تفاوت.