مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 61 - الجزء 1

  ذو الملك والقدرة والأمثال العلا، إنه لهو الله ربنا، ومَنًّا منه كان خلقنا وتركيبنا، له الملك ومنه عجيب التدبير، ومن دعي معه أو دونه فما يملك من قطمير. والقطمير: فأصغر ما يملكه متفرد به مالك، أو يشرك مليكاً في ملكه مشارك.

  فكل ما ذكر الله من هذه الأمور فَنَيِّرٌ بَيِّنٌ غير مستور، يشاهده ويحضره ويعاينه ويبصره من آمن بالله شكراً أو صد عن الله كفراً.

  أوَلا تسمع قوله سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ٣٠ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ٣١ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ٣٢ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٣٣}⁣[الأنبياء]، ففتق السماوات والأرض فيهن ظاهر لا يتوارى، يراه ويعاينه كل ذي عين ترى، وما يعاين فيهن ويرى فتقاً فشاهد على أنهن كن قبله رتقاً؛ إذ لا يكون فتق إلا لمرتتق، كما لا يكون رتق إلا لمفتتق ولا فتح إلا لمنغلق. ولا بد يقينا لكل مفتوق من فاتقه، كما لا بد لكل مفتوح من فاتح إغلاقه.

  وما جعل الله من الماء من الحيوان فموجود ما ذكر الله منه بالعيان؛ لأن كل شجرة قائمة حية أو دابة ناطقة أو بهيمة فمن الماء جعلتها، وبه قامت جبلتها.

  ألا ترى أن الشجرة إذا فقدت من الماء غذاءها، وفارق الماء قلبها ولحاءها، يبست فماتت، وانحطمت فتهافتت، فذلك الدليل على أن من الماء جعلت؛ إذ كانت إذا عدم الماء عدمت.

  أولا ترى أن لولا مياه الذكران والإناث التي هي النطف إذاً⁣(⁣١) لما وجد من البشر والبهائم طارف يطرف، فذلك الدليل على أنهم من الماء جعلوا؛ إذ كان


(١) «إذاً» ساقطة من (أ).