[اعتراض الملحدين على القرآن بما فيه من التكرير والجواب عليهم]
  أُكْثِرُ عليك من التكرير في قيلي، يا سنون صفوتي وخليلي، لما في الترديد والتكرير للكلام من العون والقوة على الإفهام.
  وفي ذلك ما يقول آخرُ من الحكماء، وفي أوائل(١) من خلا من القدماء: ربما احتيج إلى القول الكثير الطويل في الإبانة عن المعنى اليسير القليل مع من(٢) لا نحصيه منهم في عدده، ممن كان يعرف فضل تكرير القول وتردده(٣)، في ملتمس(٤) الحكمة ومبتغى الرحمة.
  ونحن بعدُ فنقول بما(٥) لا تنكره العقول: إنه إذا كان القليل من البيان بياناً وإحساناً في عينه فالإكثار منه والتكرير أوضح في إحسان المحسن وتبيينه، لا يأبى ذلك ولا ينكره مَن صح(٦) فيه فكره ونظره.
  وفي تبيينه البيان وتكريره في القرآن، وما في(٧) ذلك من المن والإحسان والحجة لله والبرهان - ما يقول سبحانه لرسوله ÷: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ٨٧}[الحجر]، وفي ذلك من البيان ما يقول سبحانه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي
(١) في (أ): أول.
(٢) في (أ): مع ما.
(٣) في (أ): وترديده.
(٤) في (أ): ملتبس.
(٥) في (د): مما.
(٦) في (أ): من أوضح.
(٧) في (د): وما هو في ذلك.