مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[متشابه القرآن وما يظن متشابها وهو محكم]

صفحة 63 - الجزء 2

  قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ٧٦}، وكذلك قوله # في القمر لما رآه بازغاً: {هَذَا رَبِّي} يقول ~ لهم: لئن لم يهدني ربي ويرفعني عنكم⁣(⁣١) لأكونن ضالّاً مثلكم ومنكم، فلما وقَّفهم على الحجة مفاوهة، وأثبتها لهم فوقَّفهم مواجهة قال لهم: {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ٧٨ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٧٩}.

  وفيه وفيهم ما يقول الله سبحانه: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}، يقول : وقد أراني من آياته ودلائل معرفته ما أراني من أرضه وسمائه، وفطرته لهما وإنشائه، فنجاني بذلك من هلكتكم بجهله والإشراك به وخلصني، وخصَّني مع النجاة من هداه لي إلى معرفته بما خصني، فلولا هداه لي لكنت من الضالين، ولعبدتُّ كما عبدتم الآفلين، وكيف يكون من أفَلَ وزال وتبدل عن معهود حاله واستحال كمن لم يزل ولم يحل ولم يتغير عن حال ولم يتبدل؟! وفي تبدل الذات في الصفات والأحوال⁣(⁣٢) ما لا يدفع عن المتبدل من الإفناء والإبطال، وما بطل وفني فخلاف ما دام وبقي، وما اختلف وتفاوت من الأشياء فليس يحكم له - إلا من ظلم - بالاستواء، فكيف سويتم في معنى بين ما يدوم وبين ما يفنى؟ إلا أن تسووا في مقال واحد بين كاذب وصادق، وكما سويتم فيما تحبون من العبادة وغيرها بين مخلوق وخالق.

  وفي ذلك من جور الحكم في الفعل⁣(⁣٣) والمقال ما لا يجهل جورَه أجهلُ الجهال، بل فيه بمن الله أَحْولُ المحَال، وما لا يمكن اجتماعه في حال، فلما قطعهم بحجته في مقالته خسئوا صاغرين عن منازعته⁣(⁣٤)


(١) في (أ): عليكم.

(٢) في (أ): وفي تبدل الصفات والأحوال.

(٣) في (د): في العقل والمقال.

(٤) في (أ): عن نزاعه.