تفسير سورة الفلق
  الفارج الهَمَّ مسوداً عساكره ... كما يفرج جنح الظلمة الفلق(١)
  والغسق: فأول الليل، وغسوقه: ظلمته، كما قال ابن عباس: غسق الليل أول الليل وظهوره وظلمته، فقد أتى على ذلك كله استجارة رسول الله ÷ واستعاذته، وغسق الليل ووقوبه: فهو وجوبه.
  وأمر الله سبحانه رسوله ÷ مع استعاذته به من شر الليل والنهار أن يستعيذ به - لا شريك له - من شر السواحر والسحار، والسواحر: هن النفاثات في العقد، وأمره أن يستعيذ به من شر الحاسد عند الحسد إذا حسد. والنفث فهو: التفل على العقدة إذا عقدت، والعُقَدُ: فهي عُقدٌ يعقدها السواحر في خيط أو سَير، وسواء كان العقد كبيراً أو غير كبير، وأمر رسول الله ÷ بالاستعاذة من شر الحاسد عند حسده، من مباينته بجسده.
  تأويل {إِذَا} هاهنا: عند، وسواء قيل: عند أو إذا، معنى هذا هو معناه.
  وشرُّ الحاسد ما يكون من ضره ومكره وعداوته وكيده وغير ذلك.
  ولْيَعْلَم - إن شاء الله - مَنْ قرأ تفسير هذه السور الثلاث وما بعدها من التفسير - أن كل ما فسرنا من ذلك كله فقليل من كثير، وأن كل سبب من كلمات الله فيه فموصول بأسباب، عند من خصه الله بعلمها من أولي النهى والألباب، لا ينتهى فيه إلى استقصائه، ولا يوقف منه على إحصائه، كما قال سبحانه: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا
(١) يروى البيت هكذا:
الفارج الهم مسدولاً عساكره ... كما يفرج غم الظلمة الفلق