تفسير سورة الزلزلة
  وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١}[الأحزاب].
  تأويل إخراج الأرض لأثقالها فهو: طرحها لما كان عليها من أحمالها، والأثقال هي: الأحمال، وأحمال الأرض: فما جعل الله عليها وكان من الثقل الذي هو الإنس ساكناً فيها، من ميتٍ وحي، وفاجر وتقي، وكيف لا تكون مُخرِجة لهم منها وكلهم فمنتقل إلى دار القرار عنها؟ وأرض الحياة الدنيا فأرض بائدة فانية، وأرض دار القرار خالدة باقية، ومن أثقال الأرض من في قبورها، ومن كان من الموتى على ظهورها، فمن كل ذلك طائعةً تتخلى، من قبل أن تبيد وتبلى.
  وفي تخليها من ذلك كله وإخراجها عنها له ما يقول الله ﷻ من أن يحويه قول أو يناله: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ٣ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ٤}[الانشقاق]، تأويل ذلك: أوحشت الأرض من أهلها وأخلت، فنُشر موتاها نشراً، وحُشر الموتى إلى الموقف حشراً، وعند ذلك من حالها وما يخرج من أثقالها يقول الإنسان - والإنسان: فهو الناس كلُّهم - عندما يرون من زلزالها، وإخراجها لما كان فيها من أثقالها: ما للأرض وما شأنها؟! فتحدث الأرض حينئذٍ بخبرها أعيانها، بأن الله سبحانه قد أوحى لها، فقطع مدتها وأجلها، فحان فناؤها، وانقطع بقاؤها، فـ {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} كما قال الله سبحانه: {أَشْتَاتًا}، وتأويل {أَشْتَاتًا}: هو يصدرون عن موردهم في حشرهم صدراً أشتاتاً متفاوتاً، فريقٌ في الجنة وفريق في السعير، خالداً كلُّ فريق منهم فيما صار إليه من مصير،