مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة البينة

صفحة 97 - الجزء 2

  المنيرة الظاهرة، فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ٢}، ويتلو: يقرأ ويتبع بعد القراءة ما اقترأ، والصُّحُف: ما صُحِّفَ ليقرأ. والمطهرة: ما جُعِل منها بركةٌ وتطهرة، وبينات منيرة مسفرة، وكل مطهَّر فمبارَك، وكل مبارك فمطهر، له وفيه بالله البركة والتطهرة، وكذلك يقال في الرسول # إذا ذكر بما جعل الله من البركة فيه: رسول الله الطيب الطاهر، وهو قول الكثير عند ذكره الطاهر، عندما يذكره بذلك ÷ من الصادقين كل ذاكر، وإنما يراد بذلك المبارك المُزكَّى، وليس يراد بذلك طهارته بالماء إذا توضأ.

  وكذلك يقال في ابنته فاطمة صلوات الله عليها إذا قيل: الطاهرة، إنما يراد بذلك ما جعل من البركة فيها، ومن ذلك ما وهب لها وجعل لبركتها من بقية رسول الله ونسله ÷.

  فهذا - واللهُ محمودٌ - من تأويل الطهارة ومطهرة، ومن وجوهه المعروفة غير المستنكرة، لا يجهل ذلك - إن شاء الله - ولا ينكره مَن يعرف لسان العرب ويبصره.

  وتأويل {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ٣} هو: كتب منيرة بيِّنةٌ محكمة، لها نورٌ وبرهان واحتجاج، ليس فيها اختلاف ولا اعوجاج.

  ثم ذكر الله سبحانه ما ذكرنا من افتراق أهل الكتاب واختلافهم، وما هم عليه اليوم وقبل اليوم بتشتيت أصنافهم، فقال تبارك وتعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ٤}، والبينة: فهي الرسل، والأمور التي جاءتهم النيرة المبينة، وهي التي ليس فيها دُلسةٌ ولا عماية جليلة