مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة البينة

صفحة 99 - الجزء 2

  صلى الله عليه في الصورة واللحم والدم، ومنهم من صلى لمن هو عنده نور من الأنوار، وجسم مسدس المقدار، له - زَعَمَ - جهات ست: خلف وأمام ويمين ويسار وفوق وتحت، فتعالى الله عما قالوا كلهم علواً كبيراً، وجل وتقدس عن أن يكون لنفسه من خلقه مثلاً أو نظيراً، وكيف يكون عابدٌ ذليلٌ كعزيز معبود؟

  ومن لم يزل دائماً مُشْبِهاً لما كان طوال الدهر غير موجود؟

  ثم قال سبحانه في دينه وصفته: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥}، تأويل ذلك: أن كل ما أمر به فمن الأمور المرشدة الهادية المستقيمة.

  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ٦}، فالذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين بالله مع إقرار الفريقين بالربوبية لله، فهم كما قال الله: {شَرُّ الْبَرِيَّةِ}؛ بما كان منهم على الله من الدعوى المبطلة المفترية. والبرية: فما ذرأ الله وبرأ مما يُرَى من الخلق كله أو لا يُرَى. ونار جهنم: فهي النار التي لا يعرف في النيران مثلها، ولا يعلم منها كلها مشبهاً لها فيما عظم الله من نارها وحر استعارها.

  وتأويل {خَالِدِينَ} فهو: غير فانين ولا بائدين، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ٣٦}⁣[فاطر]، فنارُ جهنم: هي النار المستعرة التي ليس لاستعارها أبداً من انكسار ولا فتور، ولو فترت من استعارها والتهابها لكان في ذلك تخفيف عن أهلها من عذابها.

  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧ جَزَاؤُهُمْ