مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة الشرح

صفحة 114 - الجزء 2

  {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٢}، فوزره هو: ثقله ووقره، والوقر من كل شيء فهو الحمل، والحمل من كل شيء فهو الثقل. وإذا قيل لشيء: أَوزَرَه وِزرَه فإنما يراد بذلك حمَّله وِقْرَه، وما حمل من الأثقال كلها والأمور فإنما يحمل منه الحاملون على الظهور، وكل ما يعمله المرء من خيره وشره فإنما يحمله على ظهره، كما قال سبحانه: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ٣١}⁣[الأنعام]، وقال سبحانه: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}⁣[العنكبوت: ١٣]، يريد سبحانه: ما حملوه من كفرهم وفجورهم، وليس يراد⁣(⁣١) بذلك حمل أحمال، ولا ما يحمل على الظهور من الأثقال، وإنما هو مَثَلٌ يضرب من الأمثال، مما كانت تضربه وتمثله العربُ، وكذلك ما ذكره الله من الشرح لصدر نبيه، وما نزل في ذلك من وحيه، فذكره سبحانه لما ذكر من إنقاض الوزر لظهره، وما وضع سبحانه لما ذكر من وزره - فإنما هو تمثيل وبيان ودليل، فليس يريد بشرح الصدر ولا ما ذكر من الحمل على الظهر شرحَ شيء يقطعه، ولا حملَ ثقل⁣(⁣٢) يضعه، وما حمل رسول الله ÷ من وزر على ظهره فلا⁣(⁣٣) يكون إلا من زلل أو خطيئة⁣(⁣٤) في أمره، ووَضعُ الله لذلك عنه فهو حطه لما أثقله منه، وحط الذنب فعفوه ومغفرته، وقد غفر الله لرسوله ذنبه كله وخطيئته، كما


(١) في المطبوع والمصابيح: يريد.

(٢) في المطبوع والمصابيح: ثقيل.

(٣) في المطبوع والمصابيح: وذلك فلا.

(٤) في المطبوع والمصابيح: وخطيئة.