تفسير سورة الليل
  ومَنِّه ورحمته.
  وقد قال غيرنا: إن تأويل {وَمَا خَلَقَ} هو: ومن خلق، يريدون أن القسم كان بالله جل ثناء الله، وليس - والله أعلم - ذلك في القسم كذلك؛ لأن الله تبارك وتعالى أقسم بالليل والنهار فقدمهما في قسمه، ولو كان تأويل ما خلق هو: ومن خلق لبدأ الله في القسم باسمه لجلاله وذكره، وعظم اسمه وكبره، ولكنه إن شاء الله كما قلنا.
  ثم قال سبحانه: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ٤}، فجعل عملهم متفرقاً متشتتاً؛ لأن عمل المتفرقين من المبطلين والمحقين برٌّ وفجور، وصدقٌ وزور، فهو كله شتى متفرق، هذا باطل في نفسه وهذا حق، أما تسمع كيف يقول الله سبحانه في تشتته وتباينه في الدنيا والآخرة وتفاوته: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧}، فإعطاؤه هو لما يجب من الحقوق عليه، واتقاؤه فهو فيما أمر بالتقوى لله فيه، {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦} فهو: تصديقه بأن سيجزى.
  وتأويل {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧} فهو: سنصيره من الكرامة والثواب إلى ما سيراه عند موته وفي حشره، وما سيعاينه في الموت والحشر من أمره.
  وتأويل {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨} بما يراه عند نفسه غنما(١) من ماله وكسبه، وبخل منه به عن ربه، {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩}، فتكذيبه بالحسنى هو: تكذيبه بما وعد الله أهل التقوى.
(١) في المطبوع والمصابيح: غنى.