تفسير سورة الشمس
  الزكاء والفلاح، والفجور والتدسية والصلاح، فإن تزَكَّت بالتقوى أفلحَتْ وزكَتْ، وإن تدَسَّتْ بالفجور عند الله طلحت وهلكت، فقال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}، وتأويل تزكيتها: هو تطهرتها، وتأويل تدسيتها: فهو تطغيتها.
  ثم ذكر تبارك وتعالى مَنْ دساها من سالف الأمم في الفجور فأطغاها، فقال سبحانه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ١١}، تأويله: بعتاها وغواها، {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ١٢}، وتأويله: إذ قام أخزاها، لشقوته وشؤمه، وبرضا عشيرته وقومه، والأشقى فقد يكون إنساناً واحداً أو يكون جماعةً عدةً، وأي ذلك قيل به كانت المقالة في الصدق والمعنى واحداً، كما يقال: أشقى هذه قبيلة فلان، وأشقى هذه قبيلة بني فلان، فيكون ذلك كله واحداً في الدلالة والبيان.
  ويدل على أن أشقاهم ليس بواحد منهم قولُه سبحانه: {فَقَالَ لَهُمْ}، ولو كان واحداً منهم لقال: فقال له. وقوله: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ}، فلو كان الأشقى واحداً منهم لقال: فدمدم عليه ربه، ولقال أيضاً: بذنبه ولم يقل: {بِذَنْبِهِمْ} وإنما هو(١) واحد منهم، ولقال أيضاً: عقرها ولم يقل: عقروها، إذا لم يكن إلا من واحد عَقرُها.
  وقد قال غيرنا: إن عاقر الناقة كان إنساناً واحداً ليس بجماعة، وذكروا فيما في أيديهم من الأخبار أن عاقرها يسمى بـ «قُدَار».
  وتكذيب ثمود فإنما كان بما وعدها صالح به ~ إن عقرت الناقة من عذاب قريب أليم، لا تكذيبها بما لم تزل به مكذبة قديماً قبل عقر الناقة من عذاب الجحيم، إذ يزجرها صالح ~ وينهاها عما أتت في أمر(٢) الناقة
(١) في المطبوع والمصابيح: إذ هو.
(٢) في المطبوع والمصابيح: عقر.