كتاب المكنون
  نعمة ظاهرة أو مكتتمة، أصناف مقتسمة، صغير ما يولي الله العبد منها ويبليه، ويهب له ويعطيه، من صحته وطول عافيته، وما يصرف عنه من البلوى - خيرٌ له مما بين الأرض والسماء. يا بني، وكم مِن ذي نعمةٍ متجددة يحسد مَن دونه على نعمة متنكدة، ولو أشعر نفسه ما يجب عليه من شكر المنعم كان ذلك أزيد للنعم وأصرف للمُلِمّ.
  وفي الحسد ست خصال:
  · طول الاغتمام بما لا يجدي.
  · وكثرة الاهتمام بما لا يعني.
  · وتكدير المعاش.
  · والخساسة عند الأخيار والأوباش.
  · وحرقة القلب.
  · ومضادة الرب.
  واعلم يا بني أن البغي داءٌ لا دواء له، فمن كثر في المحظوظة تشكُّكه طال في البغي محكُّه، والبغي فرع الحسد الأعظم، وبه تحل النقم، وتزلزل القدم، والباغي مخذول مفلول، والمبغي عليه بالخَبَرِ عن الله مؤيد بتعجيل النصرة في الدنيا والآخرة، فإياك والبغي أن تلهج به فتكون صريعه الذي لا ينتعش، وقتيله الذي لا يمتنع.
  وأحذرك يا بني العجلة، وإياك أن تكون عجولاً فيما تجد إلى التثبت فيه سبيلاً، وتَبَيَّن في صدور أمورك من قبل أن تبدو لك عواقبها وتنكشف لك معائبها.