العالم والوافد
  قال العالم: وما هي؟
  قال الوافد: تعرف نفسك، وتعرف ربك، وتعرف دينك، وتعرف دنياك، وتعرف آخرتك، فإذا عرفت ذلك كله فلا حاجة لك إلى غيره.
  قال العالم: كيف تعرف نفسك؟
  فقال الوافد: أعرف حدثها، وأعرف صنعها، وأعرف عجزها، فأجهدها في طاعة ربها، وأحملها على الخوف لخالقها(١) واحتمال الأذى، وأروضها وأحثها على الطلب لما فيها نجاتها، وأصرفها من الكذب إلى الصدق، ومن الطمع إلى الورع، ومن الشك إلى اليقين، ومن الشرك إلى الإخلاص، وأخرجها من محبوبها في الدنيا، وأريضها في السفر حتى تنال كرامة الله تعالى في الآخرة.
  قال العالم: وكيف تعرف ربك؟
  قال الوافد: أعرفه بما عرف به نفسه من الوحدانية، ولا أشبهه بشيء من البرية، لا يحد بالحدود، ولا يوصف بالصفات، إذ هو سبحانه وتعالى خالق كل صفة وموصوف.
  قال العالم: وكيف تعرف دينك؟
  قال الوافد: أعرفه بالشريعة التي سنها الرسول ÷ وصدقها المحكم من التنزيل، وشهدت لها غرائز العقول. وهي على ثلاثة وجوه: قول وعمل واعتقاد، وسبيلها واضح، وطالبها رابح، فقد بهر(٢) دليلها، وشهد لها بالصدق
(١) في المخطوط: بحالها.
(٢) في المخطوط: قد تميز دليلها.