مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

العالم والوافد

صفحة 204 - الجزء 2

  قال العالم: فما أهول الأشياء وأعظمها فزعا؟

  قال الوافد: إذا نفخ في الصور، وبعثر ما في القبور، واجتمعت الخلائق إلى الموقف المتضايق، فهنالك الفزع العظيم، والخطب الجسيم، كل واحد منهم يقول: نفسي نفسي، لا يسأل في ذلك اليوم والد عن ولده، ولا ولد عن والده ولا أخ عن أخيه، كل نفس بما كسبت رهينة.

  قال: فلما انتهى الكلام بالعالم والوافد إلى هذا الحد عرف العالم أن الوافد حسن المعرفة، جيد الفطنة، رصين الدين، صحيح اليقين، متين الورع، كثير الفزع، أقبل عليه العالم بوجهه، وقال: أيها الوافد الصالح، والتاجر الرابح، والخليل الصالح الناصح: اسأل عما تحب يرحمك الله.

  فقال الوافد: أيها العالم الحكيم الناطق، والبر الشفيق الصادق، انشر علي من مكنون حكمتك علماً، وزدني من نوادر معرفتك ما أزداد به فهما، لعل الرين الذي على قلبي أن يخلص ببركتك، وينجلي عني بجود صحبتك.

  قال العالم: جرى لك الفلاح، ووفق لك الصلاح، ويسر لك النجاح، عليك بسبعة أشياء فالزمها واعمل بها واحرص فيها وحافظ عليها.

  قال الوافد: وما هي؟ بينها لي يرحمك الله.

  قال العالم: أولها المعرفة بالمعروف، وهو الله ø، والإيمان به، والإسلام والطاعة، والعلم والعمل. ثم تعرف المعرفة ما هي، حتى إذا صرت عارفاً رددت المعرفة إلى المعروف فلحقت من المعرفة ما قدرت عليه. ثم تعرف الإيمان ما هو وكيف هو؟ حتى إذا صرت مؤمناً أسلمت للذي آمنت به، حتى إذا