مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

العالم والوافد

صفحة 205 - الجزء 2

  صرت مسلماً احتجت أن تطيع للذي أسلمت له، حتى إذا صرت مطيعاً احتجت إلى علم تطيع به، وتعرف العلم ما هو وكحيف هو، حتى إذا صرت عالماً احتجت أن تعمل بما علمت، ثم تعرف العمل ما هو وكيف هو وما ثمرته، وإلى ما يوصلك، وما عائدة نفعه.

  قال الوافد: أيها العالم بين لي المعرفة ما هي وكيف هي؟

  قال العالم: أما ما هي فإصابة الأشياء بأعيانها، ووضعها في مواضعها، ومعرفتها على حقيقتها. وأما كيف هي فإصابة المعاني، فما من شيء إلا له معنى يرجع إليه، فإصابة الأشياء بالنظر والتفكر والتمييز والسمع والبصر، وإصابة المعاني بالتفكر والاعتبار والعقل.

  قال الوافد: فما معرفة الله تعالى؟

  قال العالم: هي أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى واحد أحد فر صمد لا تدركه الأبصار ولا يحويه مكان، ولا يحيط به علم، ولا يتوهمه جنان، ولا يحويه الفوق ولا التحت، ولا الخلف ولا الأمام، ولا اليمين ولا اليسار، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، لا يعلم كيف هو إلا هو. فتعرفه بهذه المعرفة، فما توهمه قلبك فربك بخلافه ø، وذلك قوله في محكم كتابه العزيز لنبيه ÷: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الصمد]، فتقول كما أمرت، وتعمل كما قلت، وتشهد بما علمت، وتعلم كما شهدت، أن الله الواحد القهار، الملك الجبار، المحيي المميت، الحي الذي لا يموت، خالق كل شيء، ومالك كل شيء، الكائن قبل كل شيء، الباقي بعد فناء كل شيء: {لَيْسَ