العالم والوافد
  تبت إليه، وتعرف الخوف ما هو وكيف هو.
  قال الوافد: ما هو يرحمك الله؟
  قال العالم: أما ما هو فمعرفة الذنب وشهادة الرب وأما كيف هو: فوجل القلب، ودموع العين، فإن لم تكن كذلك فلست بخائف فيما قد علمت. وأما الذي لم تعلمه فعليك منه الرهبة والتقوى، فإذا اتقيت الله لم يجدك حيث نهاك، وإذا خفته لم يفقدك حيث أمرك، فإن الله يراك ويعلم سرك ونجواك، ويسمع كلامك، فهنالك ترهبه وتخافه حتى كأنك تراه.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: وراء ذلك التقوى.
  قال الوافد: وما التقوى؟
  قال العالم: تحفظ لسانك وعينك ويدك ورجلك وفرجك وظنون قلبك، فلا تنظر بعينك إلى ما لا يحل لك، فإن النظرة الواحدة تزرع في القلب الشهوة، وهي سهم من سهام إبليس، وتحفظ لسانك عن الكلام فيما لا يعنيك، فإن اللسان سبع إذا اطلقته أكلك، وهلاكك في طرف لسانك، فلا تقل ما لا يحل لك، ولا تمدد يدك إلى ما لا يحل لك، فإن لم تفعل فما اتقيت الله تعالى، وإن فعلت فقد اتقيت، ولك في ذلك المغفرة والرحمة، وذلك قوله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه].
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: القيام بما أمرك الله به، حتى تعرف عملك، وتضع كل شيء منه في