العالم والوافد
  موضعه، وتعرف خطأه وصوابه، ويكون ذلك العمل تابعاً للعلم مطابقاً له، ويكون فيه الرغبة واليقين والإخلاص والمحبة والحياء والاستقامة. وتعرف الرجاء ما هو، وكيف هو، ومن ترجو.
  قال الوافد: بين لي ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: هو أن يكون رجاؤك الله في كل أمورك، لدنياك وآخرتك، ولا يكون رجاؤك للخلق أكثر من رجائك للخالق فتحبط عملك، وتبطل أجرك، فإن الله تعالى يقول وقوله الحق: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}[الكهف]، فتعمل بما أمرك الله به ظاهراً وباطناً، فتصلح ظاهرك وتصلح باطنك، فإن الظاهر الجلي يدل على الباطن الخفي. ويكون قلبك متعلقاً بذكر من ناصيتك بيده، ورزقك عليه، ورجاؤك له، وشدتك وعافيتك وبلواك ومحياك ومماتك ودنياك وآخرتك، وترجوه للشدة كما ترجوه للرخاء، وترجوه للآخرة كما ترجوه للدنيا، وتخافه كما تخاف الفقر.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: الرغبة، تعرفها ما هي وكيف هي؟
  قال الوافد: بينها لي يرحمك الله تعالى؟
  قال العالم: إن الرغبة في التطوع بعد الوفاء بما أمرك الله به، فإنك إذا رغبت ازددت إلى الخير خيراً، وإن لم ترغب لم تزدد وأنت متطوع ولست براغب.
  وأما كيف هي: فالتضرع عند الدعاء، فإنك إذا رغبت تضرعت، وإذا لم ترغب كان دعاؤك بلا رغبة، وذلك قوله ø: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا