العالم والوافد
  وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٥٥}[الأعراف]، فمن خاف وتضرع | وأجابه.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: وراء ذلك اليقين بالله.
  قال الوافد: وما هو اليقين.
  قال العالم: صاحب اليقين ذنبه لا يكتب، وتوبته لا تحجب.
  قال الوافد: بين لي ذلك؟
  قال العالم: صاحب اليقين يعلم أن العلم متصل بالنية، فكلما خطر خاطر في قلبه علم أن الله قد علمه، فيلحقه الخوف ويبادر بالتوبة قبل أن يعمل الذنب، فتوبته مقبولة، وذنبه غير مكتوب، وإنما يكتب ذنبه لو أصر عليه ولم يتب منه.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: وراء ذلك الإخلاص في الدين، وهو في القول والعمل والاعتقاد، قول خير، وعمل خير، واعتقاد خير، أما سمعت ما قال الله تعالى في كتابه: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}[الزمر: ٣].
  قال الوافد: بين لي ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: هو أن يعلم العبد أنه بين يدي سيده، يراه ويسمع كلامه، ويعلم ما في نفسه، فيجعلَه أمله، وتكون الطاعة عمله، ولا يغيب عن مشاهدته، ولا يزول إلى معاندته بإزالة، قَلَّت الدنيا في عينه، وتعلقت الآخرة في قلبه، فقيامه طاعة، وقوله نفاعة، وكلامه ذكر، وسكوته فكر، قد قطع قوله بعمله، وقطع