مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

باب الوضوء

صفحة 360 - الجزء 2

  وتوفيقا⁣(⁣١) لهم بدلالته، فيسبح للركوع سبحان الله العظيم، القليل من التسبيح بذلك في الأداء كالكثير، فمن زاد واستكثر فقد استكثر من الخير، وله في الإكثار منه بإكثاره الثواب الكثير، ومن اقتصر وأقل كان مؤديا لما حمل من التسبيح لله في صلاته، ومستدلا عن الله فيه بدلالاته. وتسبيح السجود بعد الركوع: فسبحان الله الأعلى، فمن سبح بذلك في سجوده أجزاه مكثرا أو مقلا.

  فإن قال قائل: قال الله: {سبح} ولم يقل في صلاتك، وهذا غير ما استدللت به من دلالاتك.

  قيل: فلا يخلو هذا من أن يكون أمر به في الفريضة أو النافلة، لما فيه من ذكر الله بهذه المقالة، لما فيها لقائلها من الفضل المبين، ففي ذلك على ما قلنا أدل الدلائل باليقين، إن كان في النافلة يقال ما تدرك به وتنال⁣(⁣٢) ولما فيه من ذكر الله ذي الجلال، وكان تسبيحه بذلك للنافلة من الإكبار له والإعظام، فالفريضة الواجبة أولى، إذا كان ذكر الله بها أفضل فضلا، وكانت الصلاة إنما فرضت لذكره، ولما فيها من إجلال أمره، وقد قال الله في الصلوات نفسها، وما جعلها له من ذكره بها: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}⁣[النساء: ١٠٣]، فأمر سبحانه بذكره بعدها، كما أمر بذكره فيها ومعها. وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً


(١) لعلها: وتوقيفاً.

(٢) قوله #: «إن كان في النافلة يقال ما تدرك به وتنال» أي: ما تحصل به النافلة ويدرك به فضلها. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).