قوله: الباب السادس: في ذكر شيء مما يقال عند الخروج من المنزل
  عن النبي ÷ وعطيه أيضًا ضعيف(١).
  قال بعض المحققين: ولا يدعى بهذا الدعاء؛ لأنه منكر، وعلى فرض أنه ضعيف غير منكر فلا يعمل بالضعيف في الفضائل إلا إذا شملته أدلةٌ عامةٌ، ولم يستلزم ما يحرِّم كإفهام التشريع، وسيأتي بهذا المعنى زيادة بيان، وتقدم من المنع من التوسل إلى الله بغيره من كلام ابن القيم؛ فقد تعرضنا لردِّه؛ فلا يكون ذكره التوسل بحق السائلين هنا من موانع العمل بالحديث هذا، وصحَّحه الجزري(٢).
  ومعنى ما ذكره ابن القيم أنه منع من التوسل بأحد إلا بالله تعالى؛ لأنه لا حقَّ على الله، وذكر آياتٍ غير مفيدةٍ فيما قصد من قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}(٣) وأشباهه، وهو في إغاثة اللهفان، وهو أن يقول: اللهم إني أسألك بحق كذا أو بكذا ونحوه؛ فلا حق على الله(٤) والصحيح جوازه، لما روى الطبراني من آخر دعاء الصباح: «وأَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ ...» إلخ(٥).
  ولما رواه الإمام المرشد بالله # من حديث أبي سعيد: كان رسول الله ÷ إذا قضى صلاته قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ لِلسَّائِلِينَ عَلَيْكَ فِيهَا حَقًّا ....» إلى آخر الدعاء كما سيأتي(٦)، والرواية في هذا كثيرٌ يشهد
= (٢٠/ ١٤٦ رقم ٣٩٢٦)، والذهبي، سير أعلام النبلاء: (٥/ ٣٢٥)، والجداول (خ).
(١) ذكره النووي في الأذكار: (١/ ٧٨ رقم ١٧٣)، وابن السني في عمل اليوم والليلة: (١/ ٧٦ رقم ٨٥)، قال ابن حجر: ضعف عطية إنما جاء من قبل التشيع والتدليس، وهو في نفسه صدوق. ينظر: ابن حجر، تهذيب التهذيب: (٧/ ٢٠٠).
(٢) هو: محمد بن محمد بن علي بن يوسف، صاحب الحصن الحصين في الدعوات المأثورة.
(٣) سورة الجن: ١٨.
(٤) ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: (١/ ٨٥).
(٥) أخرجه الطبراني في الدعاء: (١/ ١٢٠ رقم ٣١٨). وتمامه. أَنْ تَقْبَلَنِي فِي هَذِهِ الْغَدَاةِ أَوْ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ» قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (١٠/ ١١٧ رقم ١٧٠٠٩).
(٦) أَيُّمَا عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَقَبَّلْتَ دَعْوَتَهُمْ أَوِ اسْتَجَبْتَ دَعْوَتَهُمْ أَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَا يَدْعُو، وَأَنْ تُعَافِيَنَا وَإِيَّاهُمْ، وَأَنْ تَقْبَلَ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنَّا وَعَنْهُمْ، إِنَّا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ»، وَكَانَ يَقُولُ: «مَا تَكَلَّمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ خَلِيقَةِ اللَّهِ ø إِلَّا أَشْرَكَهُ فِي دَعْوَةِ أَهْلِ بَحْرِهِمْ وَأَهْلِ بَرِّهِمْ فَعَمَّتْهُمْ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ». أخرجه المرشد بالله، في الأمالي الخميسية (١/ ٣٣٢ رقم ١١٧٢).