نبذة في مصطلح الحديث
  أبو محمد بن حزم(١): وما وجدنا للبخاري ومسلم في كتابيهما لا يحتمل مخرجًا إلا حديثين لكلِّ واحدٍ منهما حديث تم عليه في تخريجه الوهم، مع إتقانهما وحفظهما وصحة معرفتهما(٢)؛ فذكر من البخاري حديثٌ شريكٌ(٣)، عن أنس في الإسراء، وأنه قبل أن يوحى إليه وشق صدره(٤).
  قال ابن حزم: والآفة فيه من شريك، والحديث الثاني عند مسلم حديث عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ(٥)، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ(٦)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ ÷: يَا نَبِيَّ اللهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ، قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ(٧)، أُزَوِّجُكَهَا، قَالَ: «نَعَمْ» الحديث(٨).
(١) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم اليزيدي الأموي الظاهري (أبو محمد) ولد سنة (٣٨٤ هـ) فقيه، أديب، أصولي، محدث، حافظ، متكلم، أديب مشارك في التأريخ والأنساب والنحو واللغة والشعر والطب والمنطق والفلسفة وغيرها. توفي سنة (٤٥٦ هـ)، له "شرائع الاسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والاجتماع، والمحلى بالآثار وغيرها. ينظر: الإشبيلي: مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس: (١/ ٢٧٩)، وكحالة، معجم المؤلفين: (٧/ ١٦).
(٢) ينظر: النكت على مقدمة ابن الصلاح (٢٨٨).
(٣) وحديث الإسراء هو مارواه شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عن أنس بن مالك " يَقُولُ: " لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ ÷ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ إلى. فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ: وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ ". أخرجه البخاري في صحيحه: (٩/ ١٨٢ رقم ٧٥١٧). ومسلم في صحيحه: (١/ ١٤٨ رقم ٢٦٢ - (١٦٢) وغيرهم.
(٤) شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ القرشي، أَبُو عَبد اللَّهِ المدني. قال عَبَّاس الدُّورِيُّ، عَنْ يحيى بْن مَعِين، والنَّسَائي: ليس به بأس، وَقَال مُحَمَّد بْن سعد كَانَ ثقة كثير الْحَدِيث. توفي سنة (١٤٠ هـ). ينظر: المزي، تهذيب الكمال: (١٢/ ٤٧٥ رقم ٢٧٣٧).
(٥) عكرمة بن عمار العجلي، أبو عمار اليمامي، بصري الأصل، قال عبد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل، مضطرب الحديث وَعَنْ يحيى بْن مَعِين: ثقة. وَأيضا صدوق، ليس بن بأس. وَقَال أَبُو حاتم، عن يَحْيَى بْن مَعِين أيضًا: كَانَ أميا. ينظر: المزي، تهذيب الكمال: (٢٠/ ٢٥٦).
(٦) سماك بن الْوَلِيد الحنفي، أَبُو زميل اليمامي، قال إسحاق بْن مَنْصُور، عَنْ يحيى بْن مَعِين، والعجلي: ثقة. وَقَال أبو حاتم: صدوق، لا بأس به، وَقَال النَّسَائي: ليس بِهِ بأس. ينظر: المزي، تهذيب الكمال (١٢/ ١٢٧ رقم ٢٥٨٣).
(٧) أم حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشية الأموية زوج النبي ÷، إحدى أمهات المؤمنين، واسمها رملة. أسلمت قديمًا وهاجرت مع زوجها عبد الله بن جحش الى الحبشة فتنصر بالحبشة، وأبت أن تتنصر عن إسلامها، فتزوجها رسول الله ÷ وهي بالحبشة، توفيت سنة (٤٤ هـ) ينظر: ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة: (٧/ ٣٠٣ رقم ٧٤٠٩).
(٨) أخرجه مسلم في صحيحه: (٤/ ١٩٤٥ رقم ١٦٨ - (٢٥٠١) وتمامه. قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، =