الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: فإن أراد الحج

صفحة 293 - الجزء 1

  وفيه: «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فإنكم.» إلخ⁣(⁣١) ومعنى أربعوا: أرفقوا بأنفسكم، وهو بفتح الباء أربَعوا، انتهى.

  ولنذكر من صفات الحج تبركا: (حديث جابر الطويل وإن كنا قد التزمنا في الأصل الإضراب عن أذكار الحج، لكنه لا يخلو من فائدة؛ لسعته)⁣(⁣٢).

  فنقول: حديث جابر الطويل المشهور الجليل أخرجه مسلم في صحيحه⁣(⁣٣) بسنده إلى جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر رضوان الله عليهما، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْن عبد اللهِ، فَسَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ⁣(⁣٤)، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ، يَا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ، وَهُوَ أَعْمَى، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ⁣(⁣٥) مُلْتَحِفًا بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ، [وثوبه]⁣(⁣٦) عَلَى الْمِشْجَبِ⁣(⁣٧)، فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ ÷، فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ÷ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ÷ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ ÷، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا


= كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟»، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بَاللَّهِ». ذكره الويسي في السَّفِيْنَةُ المُنْجِيَةُ: (ص ٧٨)، وعزاه إلى المرشد بالله في الأمالي الخميسية: (١/ ٣١٧ رقم ١١٠٨).

(١) أخرجه أحمد في مسنده: (٣٢/ ٢٨٥ رقم ١٩٥٢٠)، والبخاري في صحيحه: (٣/ ١٠٩١ رقم ٢٨٣٠)، ومسلم في صحيحه: (٤/ ٢٠٧٦ رقم ٤٤ - (٢٧٠٤)، وابن ماجة في سننه: (٢/ ١٢٥٦ رقم ٣٨٢٤)، وأبو داود في سننه: (٢/ ٦٣٤ رقم ١٥٢٨)، والترمذي في سننه: (٥/ ٥٠٩ رقم ٣٤٦١)، والنسائي في سننه الكبرى: (٩/ ١٩٨ رقم ١٠٢٩٦)، وتمامه. لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ ".

(٢) ما بين القوسين ساقط من (ج).

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: (٢/ ٨٨٦ رقم ١٤٧ - (١٢١٨)).

(٤) فعل ذلك ملاطفة للزائر له. شرح النووي: (٨/ ١٧١).

(٥) «فقام في نساجة ملتحفا بها» هي ضرب من الملاحف منسوجة. ينظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (٥/ ٤٦).

(٦) ما بين المعقوفتين من المصدر.

(٧) «وثوبه على المِشْجَبَ» عيدان تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب، وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء. ينظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (٢/ ٤٤٥).