فصل: فيما يقال فيمن عليه أمر
  وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم، والنسائي، وابن ماجة(١). وفي رواية النسائي: «وَلَا تَعْجَزْ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ صَنَعَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ باب الشَّيْطَانِ»(٢).
  قلت: وهذا مستقيمٌ، فإن قَدَر الله تعالى كائنٌ في الأمور الراجعة إلى صنعته وتقديره، فلا يتم الإيمان إلا بالإيمان بالقدر خيره وشره، لا ما يصنعه العبد، فإن ذلك إليه لا إلى الله، والحديث خصَّ ما كان راجعًا إلى الله تعالى، والله أعلم.
  وعن عوف بن مالك(٣)، أَنَّ النَّبِيَّ ÷ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ؛ فقال النبي ÷: «إِنَّ اللهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، وَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». رواه النسائي وأبو داود(٤). والعجز: ترك ما يجب فعله بالتسويف، والكيس هنا يجري مجرى الرفق.
فصل: فيما يقال فيمن عليه أمرٌ
  قد تقدَّم حديث المقاصد من قوله ÷: «اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وأنت إن شئت جعلت الحَزْنَ سَهْلًا». قال رواه العدني، وابن السني،
= الزهد والرقائق: (١/ ٥٥٧ رقم ١٥٩٧)، وأبو عبد الله نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (المتوفى: ٢٢٨ هـ): كتاب الفتن، تحقيق: سمير أمين الزهيري، مكتبة التوحيد، القاهرة، ط ١ (١٤١٢ هـ): (٢/ ٦٣٦ رقم ١٧٧٨)، وابن أبي شيبة في مصنفه: (٦/ ٧٦ رقم ٢٩٥٨٧)، وابن راهويه أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي (المتوفى: ٢٣٨ هـ) في مسند إسحاق تحقيق: د. عبد الغفور البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، ط ١ (١٤١٢ - ١٩٩١): (١/ ٤٦٣ رقم ٥٣٨) وغيرهم.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه: (٤/ ٢٠٥٢ رقم ٣٤ - (٢٦٦٤)، والنسائي في سننه الكبرى: (٩/ ٢٣٠، رقم ١٠٣٨٢)، وابن ماجة في سننه: (٢/ ١٣٩٥ رقم ٤١٦٨).
(٢) أخرجه النسائي في سننه الكبرى: (٩/ ٢٣١، رقم ١٠٣٨٤) وفيه: تفتح عمل الشيطان.
(٣) عوف بن مالك الأشجعي، أول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح سكن دمشق، وبها توفي سنة (٧٣ هـ). ينظر: ابن عبد البر الاستيعاب: (٣/ ١٢٢٦ رقم ٢٠٠٣)، والقاسمي، الجداول الصغرى: مخطوط.
(٤) أخرجه النسائي في سننه الكبرى (٩/ ٢٣٢ رقم ١٠٣٨٧)، وأبو داود في سننه: (٥/ ٤٧٢ رقم ٣٦٢٧).