الباب الثالث والثلاثون: في ذكر الأدعية العامة مطلقا
  (من طريق)(١) عمرو بن شعيب، وفيه مقال(٢)، والأصحاب قد رووا عنه على طريقتهم في الرواية عن أمثاله، وقد تقدم شاهد لصدره في الدعاء المهدى لأمير المؤمنين علي # ليلة الأحزاب في باب الجهاد، وتطلعت لتخريجه من غير طريق محمد بن منصور؛ فأقول: رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، فإن رواته كلَّهم ثقاتٌ متدينون، ولفظه عن عمرو بن شعيب، عن جده قال: نَزَلَ جِبْرِيلُ # إِلَى النَّبِيِّ ÷ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ لَمْ يَنْزِلٍ فِي مِثْلَهَا قَطُّ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: "وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ بِهَدِيَّةِ قال: وَمَا تِلْكَ الْهَدِيَّةُ يَا جِبْرِيلُ، قال كلماتٌ من كُنُوزِ الْعَرْشِ أَكْرَمَكَ اللَّهُ بِهِنَّ، قَاَل: "فَقَالَ وما هنَّ يا جِبْرِيلُ: قُلْ يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ»(٣) إلخ الكلمات، ولم يذكر الجزاء بعدها، وقول الحاكم: (فإن)(٤) رواته كلُّهم ثِقاتٌ، ذلكَ على طريق أمثاله في الرواية، وإلا فلا يعزب عنك أن قول مثل ذلك عند الأصحاب إنما هو لصحَّته بأي وجوه الصحة، كما ذلك مذكور، وإلا فعمرو بن شعيب طريقته معروفه، ولا يحتاج إلى ذكر ما يجرحه به، ناهيك أنه روى الإمام المرشد بالله # في أماليه بسنده إلى القاضي أَبُوْ عَلِيٍّ الْمُحْسِنِ بْنِ عَلِيِّ التَّنُوخِيُّ(٥)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْخَتْلِيُّ(٦). الْحَافِظُ فِيْ الْمُذَاكَرَةِ، قَالَ: كُنْتُ أَجْمَعُ حَدِيْثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَلمَا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ فَرِغْتُ مِنْهُ جَلَسْتُ لَيْلَةً فِيْ بَيْتِي، وَالسِّرَاجُ بَيْنَ يَدَيَّ وَأُمِّي فِيْ صِفة (حيَالِ الْبَيْتِ)(٧) الَّذِي أَنَا فِيْهِ، وَابْتَدَيْتُ أَنْظُمُ الرِّقَاعَ وَأُصَنِّفُهَا، فَحَمَلَتْنِي عَيْنِي، فَرَأَيْتُ رَجُلًا أَسْوَدَ قَدْ دَخَلَ إِليَّ يهز ذيْ نَارٍ، فَقَالَ: تَجْمَعُ حَدِيْثَ هَذَا الْعَدُوَّ لِلَّهِ
(١) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(٢) قلت: قد ضعفه ناس مطلقًا ووثقه الجمهور، وضعف بعضهم روايته عن أبيه عن جده، كما سيأتي ذكره في رواية المؤلف. ينظر: المزي، تهذيب الكمال: (٢٢/ ٦٤).
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه: (١/ ٧٢٩ رقم ١٩٩٨) وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ».
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(٥) أبو علي المحسن بن علي التنوخي ولد سنة (٣٢٧ هـ) بالبصرة، محدث، أديب، لغوي ومتكلم معتزلي، وقاضٍ، كاتب، توفي سنة (٣٨٤ هـ) ينظر: الحموي، ياقوت معجم البلدان: (٥/ ٦٣)، والوجيه، أعلام المؤلفين الزيدية: (ص ٨١٦).
(٦) عبد الرحمن بن أَحْمَد بن عبد اللَّه بن حيان، أبو عبد اللَّه يعرف بابن الختلي، كان فهمًا عارفًا، ثقةً حافظًا، مشهورا بالحفظ والمذاكرة والتصنيف. ينظر: الخطيب، تاريخ بغداد: (١١/ ٥٨٧ رقم ٥٣٧٥).
(٧) ما بين القوسين ساقط من (ب، ج).