فصل: يذكر فيه # كلمات ورد التوسل بها على لسان نبينا محمد ÷
  وعن أنس أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ÷ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «سَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ وَالمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، ثُمَّ أَتَاهُ فِي اليَوْمِ الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: «فَإِذَا أُعْطِيتَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَأُعْطِيتَهَا فِي الآخِرَةِ فَقَدْ أَفْلَحْتَ» أخرجه الترمذي، وقال: حسنٌ غريبٌ(١).
  وعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُ اللَّهَ - تبارك وتعالى، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلِ اللَّهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». أخرجه الترمذي، وقال: حديثٌ صحيحٌ(٢)، ورواه الطبراني، وزاد في آخره: وكان يقول له: «يَا عَمِّ أَكْثِرِ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ»(٣)، وعن الجزري في العدَّة: فَلْينْظر الْعَاقِل (مِقْدَار)(٤) هَذِه الْكَلِمَة الَّتِي اختارها رَسُول الله ÷ لِعَمِّهِ ¥ من دون الْكَلم، وليؤمن بِأَنَّهُ ÷ أعطي جَوَامِع الْكَلم واختصرت لَهُ الحكم فَإِن من أعطي الْعَافِيَة فَازَ بِمَا يرجوه وَيُحِبهُ قلبًا وقالبًا ودينًا وَدُنْيا، وَوُقِيَ مَا يخافه فِي الدَّاريْنِ علما يَقِينا، فَلَقَد تَوَاتر عَنهُ ÷ دعاؤه بالعافية، وَورد عَنهُ ÷ لفظًا وَمعنًى من نَحْو خمسين طَرِيقًا هَذَا وَقد غفر لَهُ مَا تقدم [من ذَنبه] وَمَا تَأَخّر [وَهُوَ الْمَعْصُوم على الْإِطْلَاق حَقِيقَةً] فَكيف بِنَا وَنحن عرضٌ لسهام الْقدر وغرضٌ بَين النَّفس والشيطان والهوى كَمَا ورد فِي الْخَبَر، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَليكن ذَلِك آخر مَا نعدُّه من عدَّة الْحصن الْحصين من كَلَام سيد الْمُرْسلين)(٥) وهذا آخر كتابه.
  وقال بعض الشراح(٦): نتفاءل بختم كتابنا بحديث عائشة أنه قال ÷:
(١) أخرجه الترمذي في سننه: (٥/ ٥٣٣ رقم ٣٥١٢)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ".
(٢) المصدر نفسه (٥/ ٥٣٤ رقم ٣٥١٤)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ".
(٣) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير: (١١/ ٣٣٠ رقم ١١٩٠٨).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(٥) ذكره الشوكاني في تحفة الذاكرين: (١/ ٤٦٢)، وما بين المعقوفتين من تحفة الذاكرين.
(٦) بعدة الحصن الحصين عدة شروح منها شرح للمؤلف يسمى (مفتاح الحصن) (الحرز الثمين، للحصن الحصين) (بغرفة الحصن). (مصباح الجنان)، وعمدة المتحصنين شرح عدة الحصن الحصين وغيرها. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: (١/ ٦٦٩)، والحبشي، عبد الله: جامع الشروح والحواشي: (٢/ ٨٣٠ - ٨٣٣).