الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

[حكم الصلاة على النبي ÷]

صفحة 458 - الجزء 1

  السّادِسَةَ عَشْرَةَ: أَنّهُ لَا يَجُوزُ السّفَرُ فِي يَوْمهَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ صلاة الْجُمُعَةُ قَبْلَ فِعْلِهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا ما لم يخف المسافر فوت رفيقه، فإن خاف ذلك وخشي الانقطاع جاز له السفر مطلقًا؛ لأن هذا عذرٌ مسقطٌ للجمعة.

  وَأَمّا قَبْلَ دخول وقتها فَلِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الجواز، والتحريم، والثالث: يجوز للجهاد، والظاهر الجواز؛ إذ لا دليل على غيره، وأما بعد الصلاة فلا نزاع فيه.⁣(⁣١)، والله أعلم.

  السّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنّ لِلْمَاشِي إلَى الْجُمُعَةِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامَهَا وَقِيَامَهَا⁣(⁣٢).

  أخرج عبد الرزاق عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: «مَنْ غَسّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَكّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا صِيَامُ سَنَةٍ وَقِيَامُهَا، وَذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ»⁣(⁣٣).

  وقد فسَّر أحمد ووكيع⁣(⁣٤) معنى (غَسَّلَ) وهو بالتَّشديد، قالا: الجِماع⁣(⁣٥). ذكره ابن القيم، ومثله في النهاية⁣(⁣٦).

  وقوله: (بَكَّرَ) هو بالتَّشديد، أي: أتى الصلاة في أول وقتها، (وابتكر): أي أدرك أول الخطبة، وأول كلِّ شيءٍ باكورته. ذكره في النهاية⁣(⁣٧).

  الثامِنَةَ عَشْرَةَ: أَنّهُ يَوْمُ تُكْفَّرُ فيه السّيّئَاتِ؛ لما في صحيح البخاري عن سلمان الفارسي | تعالى - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهُ ÷ «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غُفِرَ له ما بينه وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» رواه أحمد عنه، وعن أبي الدرداء⁣(⁣٨) (⁣٩).


(١) المصدر نفسه: (١/ ٣٧٠).

(٢) المصدر نفسه: (١/ ٣٧٣).

(٣) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير: (١/ ٢١٤ رقم ٥٨١).

(٤) أبو سفيان وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي، ولد سنة (١٢٩ هـ)، فقيه، محدث، حافظ، مفسر، صوفي، توفي سنة (١٩٧ هـ)، له: السنن، تفسير القرآن، والمعرفة والتاريخ. ينظر: كحالة، معجم المؤلفين: (١٣/ ١٦٦).

(٥) ينظر إبراهيم النحاس: الجامع لعلوم، دار الفلاح للبحث العلمي، مصر ط ١ (١٤٣٠ هـ/ ٢٠٠٩ م): (١٥/ ٤٠٥ رقم ٩٦٣)، والحنبلي، كشف اللثام شرح عمدة الأحكام: (٣/ ١٤٨)، ابن القيم، زاد المعاد ١/ ٣٧٣.

(٦) ينظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (٣/ ٣٦٧).

(٧) المصدر نفسه: (١/ ١٤٨).

(٨) أخرجه أحمد في مسنده: (٣٩/ ١١٤ رقم ٢٣٧١٠)، والبخاري في صحيحه: (١/ ٣٠١ رقم ٨٨٣).

(٩) ينظر: ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد: (١/ ٣٧٣، ٣٧٤.