[حكم الصلاة على النبي ÷]
  قلت: فهل تعلمون زيارتنا لكم؟ قال: نعلم بها عشية الجمعة، يوم الجمعة كله وليلة السبت إلى طلوع الشمس، قال: قلت: وكيف ذلك دون الأيام كلها؟ قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته(١).
  وذكر عن سفيان الثوري قال: بلغني عن الضحاك أنه قال: «مِنْ زَارَ قَبْرًا يَوْمَ السَّبْتِ(٢) قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلِمَ الْمَيِّتُ بِزِيَارَتِهِ. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِمَكَانِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ»(٣).
  السابعة والعشرون: أَنّهُ يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصّوْمِ، وفيه خلافٌ.
  وقد بسط ابن القيم فيه واستوفى الأدلة، إلا أن الأظهر تحريم إفراده بالصوم وليلته بالقيام؛ لحديث مسلم عن أبي هريرة عن النبي ÷ أنه قال: «لَا تَخْصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي(٤)، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ سائر الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»(٥).
  وفي البخاري عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ ÷ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «أَفتَصُومِين غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «فَأَفْطِرِي»(٦) وغير ذلك من الأحاديث.
  قلت: وقد استوفى البحث في ذلك الإمام المرشد بالله # في الأمالي(٧)، وروى حديث أبي هريرة عنه أظنه، وكذا حديث البخاري بلفظه، والظاهر من الأدلة التحريم، لكنها لما عُقِلَتْ العلة من (أن)(٨) المراد في يوم الجمعة الترفيه على النفس
(١) في (ج) بفضل يوم الجمعة وعظمته.
(٢) في (ب، ج) يوم الجمعة.
(٣) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: (١١/ ٤٧٦ رقم ٨٨٦٣).
(٤) في (ج) إفراد يومه بالصوم وليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بقيام من بين سائر الأيام.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه: (٢/ ٨٠١ رقم ١٤٨ - (١١٤٤)، ينظر: ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد: (١/ ٣٩٦).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه: (٢/ ٧٠١ رقم ١٨٥٥).
(٧) عَنْ حُذَيْفَةَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ جَنَادَةَ الْأَزْدِيِّ، أَنَّهُمْ " وَلَجُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ هُوَ ثَامِنُهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ÷ بِطَعَامٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: كُلْ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ: كُلْ، فَقَالَ: صَائِمٌ، حَتَّى سَأَلَهُمْ جَمِيعًا، فقَالَ: صُمْتُمْ أَمْسِ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: صِيَامُ غَدًا؟، فَقَالُوا: لَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا ذكره الويسي في السَّفِيْنَةُ المُنْجِيَةُ:، وعزاه إلى المرشد بالله، في الأمالي الخميسية: (٢/ ١٦٠ رقم ١٩٦٩).
(٨) ما بين القوسين ساقط (أ، ب).