الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

[حكم الصلاة على النبي ÷]

صفحة 461 - الجزء 1

  قلت: فهل تعلمون زيارتنا لكم؟ قال: نعلم بها عشية الجمعة، يوم الجمعة كله وليلة السبت إلى طلوع الشمس، قال: قلت: وكيف ذلك دون الأيام كلها؟ قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته⁣(⁣١).

  وذكر عن سفيان الثوري قال: بلغني عن الضحاك أنه قال: «مِنْ زَارَ قَبْرًا يَوْمَ السَّبْتِ⁣(⁣٢) قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلِمَ الْمَيِّتُ بِزِيَارَتِهِ. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِمَكَانِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ»⁣(⁣٣).

  السابعة والعشرون: أَنّهُ يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصّوْمِ، وفيه خلافٌ.

  وقد بسط ابن القيم فيه واستوفى الأدلة، إلا أن الأظهر تحريم إفراده بالصوم وليلته بالقيام؛ لحديث مسلم عن أبي هريرة عن النبي ÷ أنه قال: «لَا تَخْصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي⁣(⁣٤)، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ سائر الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»⁣(⁣٥).

  وفي البخاري عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ ÷ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «أَفتَصُومِين غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «فَأَفْطِرِي»⁣(⁣٦) وغير ذلك من الأحاديث.

  قلت: وقد استوفى البحث في ذلك الإمام المرشد بالله # في الأمالي⁣(⁣٧)، وروى حديث أبي هريرة عنه أظنه، وكذا حديث البخاري بلفظه، والظاهر من الأدلة التحريم، لكنها لما عُقِلَتْ العلة من (أن)⁣(⁣٨) المراد في يوم الجمعة الترفيه على النفس


(١) في (ج) بفضل يوم الجمعة وعظمته.

(٢) في (ب، ج) يوم الجمعة.

(٣) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: (١١/ ٤٧٦ رقم ٨٨٦٣).

(٤) في (ج) إفراد يومه بالصوم وليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بقيام من بين سائر الأيام.

(٥) أخرجه مسلم في صحيحه: (٢/ ٨٠١ رقم ١٤٨ - (١١٤٤)، ينظر: ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد: (١/ ٣٩٦).

(٦) أخرجه البخاري في صحيحه: (٢/ ٧٠١ رقم ١٨٥٥).

(٧) عَنْ حُذَيْفَةَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ جَنَادَةَ الْأَزْدِيِّ، أَنَّهُمْ " وَلَجُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ هُوَ ثَامِنُهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ÷ بِطَعَامٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: كُلْ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ: كُلْ، فَقَالَ: صَائِمٌ، حَتَّى سَأَلَهُمْ جَمِيعًا، فقَالَ: صُمْتُمْ أَمْسِ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: صِيَامُ غَدًا؟، فَقَالُوا: لَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا ذكره الويسي في السَّفِيْنَةُ المُنْجِيَةُ:، وعزاه إلى المرشد بالله، في الأمالي الخميسية: (٢/ ١٦٠ رقم ١٩٦٩).

(٨) ما بين القوسين ساقط (أ، ب).