تنبيه:
  "إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الحديث(١)، وفيه بعد قوله: الصَّالِحِينَ، «فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»، وبعد الشهادتين يتخير من المسألة ما شاء، وفي لفظ: أن النبي ÷ إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وذكر بعد قوله: وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَوَاتِ والْأَرْضِ، وفي آخره ثم يستخيره من المسألة ما شاء، متفق عليه(٢)، وقال الترمذي: حديث ابن مسعود، قد روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث في التشهد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم(٣)، وثم روايات أُخر، عن ابن عباس في بعضها تنكير السلام، وفي بعضها بتعريفه. ورواه محمدٌ بدون أشهد، والروايات كثيرة في جميع الصحاح وغيرها.
  وعن عائشة قالت: هَذَا تَشَهُّدُ النَّبِيِّ ÷: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ» رواه البيهقي وساق مثل رواية ابن مسعود(٤).
  قال النووي: وفي هذا فائدة: وهي أن تشهُّدَه ÷ بلفظ تشهُّدُّنا(٥).
  وَقَالَ مُسْلِمٌ: إنَّمَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَغَيْرُهُ قَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ(٦).
  قَالَ الشَّافِعِيُّ: [لكن] كَيْفَ صِرْتَ إِلَى اخْتِيَارِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّشَهُّدِ؟ قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُهُ وَاسِعًا، وَسَمِعْتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا كَانَ عِنْدِي أَجْمَعَ وَأَكْثَرَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِهِ فَأَخَذْتُ بِهِ(٧).
  وأما الصلاة على النبي ÷ فهي ثابته على اختلاف الألفاظ وقد
(١) أخرجه مسلم في صحيحه: (١/ ٣٠١ رقم ٥٥ - (٤٠٢))
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: (١/ ٤٠٣ رقم ١١٤)، ومسلم في صحيحه: (١/ ٣٠١ رقم ٥٥ - (٤٠٢)).
(٣) أخرجه الترمذي في سننه: (٢/ ٨١ رقم ٢٨٩)، وابن أبي شيبة في مصنفه: (١/ ٢٦٠ رقم ٢٩٨٥)
(٤) أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: (٢/ ٢٠٧ رقم ٢٨٤٣).
(٥) ذكره: النووي، الأذكار: (ص ١٤٠).
(٦) ينظر: ابن الملقن، البدر المنير: (٤/ ٣٩)، وابن حجر، التلخيص الحبير: (١/ ٦٣٥ رقم ٤٠٨).
(٧) ينظر: الشافعي، الرسالة، تحقيق، أحمد شاكر، مكتبه الحلبي، مصر، ط ٢ (١٣٥٨ هـ/١٩٤٠ م): (١/ ٢٧٥).