ذكر وصيته # لأخيه الحسين #
  سفهاء الكوفة فأخرجوك! وقد كنتُ طلبتُ إلى عائشة إِذَا مِتُّ أَنْ أُدْفَنَ في بيتها مع رسول الله ÷ فقالت: نَعَمْ، وإني لا أدري لعله كان ذلك منها حياءً، فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها، فإن طَابَتْ نَفْسُهَا فَادْفِنّي في بيتها، وما أَظُنُّ القومَ إلا سَيَمْنَعُونَكَ إذا أردت ذلك! فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا تُرَاجِعُهُمْ في ذلك فادفني في بقيع الغرقد؛ فَإنَّ لي بمن فيه أُسْوَةٌ، فلما مَاتَ الحسنُ ¥ أَتَى الحسينُ # عائشةَ فَطَلَبَ ذلك إليها، فقالت: نَعَمْ وكَرَامَةً، فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كَذَبَ وكَذَبَتْ!
= راكع عندما جاء السائل يسأل في مسجد الرسول ÷، كما نص على ذلك المؤلف في شرح قوله: «والذي زكى» إلخ، ومثل قوله تعالى: {أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا ٥٤}[النساء: ٥٤]. قال بعض المحققين من المفسرين إن الحكمة النبوة، والملك العظيم الخلافة، وكقوله تعالى في قصة جدهم إبراهيم #: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ ١٢٤}[البقرة: ١٢٤] احتج بذلك الإمام الحافظ أحمد بن سليمان # على ثبوت الإمامة في أهل البيت واستحقاقهم لها لتحقق نفي الظلم عن أئمة الآل $، وتحقق وقوعه من غيرهم. وأما مصادمة رواية ابن عبد البر | وهو من المنصفين للسنة النبوية فذلك واسع لا يحتمله التعليق، ونقتصر على مصادمتها لحديث الغدير السابق المتواتر، وحديث المنزلة، وحديث: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما»، وأحاديث: «إني تارك فيكم الثقلين» إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المتواترة معنى؛ فهي ظاهرة في الخلافة. ثم نقول لمن يروي هذه الحكاية البعيدة عن الصحة: هل قيام أمير المؤمنين علي # ومصاولته، وجمعه الجيوش، وخروجه بها هل ذلك لأجل المطالبة بحق يستحقه، أو قام يطلب ما ليس أهلا له ولا أوجبه الله له ولذريته؟ ويقال للحسن #: كيف قمت وجمعت الجيوش وأنت عالم بعدم الاستحقاق؟ وعلى كلا التأويلين يلزم من رواية ابن عبد البر تخطئة الحسن السبط المعصوم حفيد الرسول ÷، وهل تجوز تخطئته وهو المجمع على عصمته وفضله وورعه؟ وأيضًا المشهور عنه أنه رد على عمرو بن العاص والوليد وغيرهما في موقف معاوية بما هو مشهور، والمقصود الإشارة والتنبيه لا البسط والتطويل؛ لئلا يغتر مغتر برواية ابن عبد البر، وعلى فرض صحتها - ومعاذ الله - فالمعنى أن الله لم يجمع لنا النبوة والخلافة بدون منازع، ولا حاسد، ولا منافس، وآخر كلام الحسن # يشعر بذلك؛ إذ معناه لا تغتر بأهل الكوفة فإنهم سيدعونك إليها ثم يقاتلونك عليها كما وقع، ويؤخذ أيضًا من كلام أمير المؤمنين # في كثير من خطبه وتبرمه واستحقاقه، وأنه لم يسعه إلا السكوت؛ خوفًا من الفتنة بعد موت المصطفى ÷، وهو المعصوم بالإجماع، ثم إشارة الحسن # في آخر خطبة الصلح؛ إذ أشار إلى معاوية، وقال: «وإن أدري لعله فتنة لكم»، فلولا أنها حق ثابت لأمير المؤمنين وذريته لما أشار إلى معاوية بالفتنة، فليتدبر المطالع؛ فقد كُذِبَ على الرسول ÷ فضلا عن الحسن #، والله ولي التوفيق. اهـ. ومعنى الاستحقاق أنهم الأقدر على تطبيق العدل والشرع.