الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

مقدمة التحقيق

صفحة 5 - الجزء 1

  

مقدمة التحقيق

  الحمد لله الذي شرفنا بحب عترة الرسول ÷ وعلى رأسهم الوصي زوج البتول، مَنْ حبه إيمان، وبغضه نفاق، وصلى الله وسلم على محمد وآله وبعد:

  «رب ضارة نافعة» كما يقول المثل، ولقد صدق هذا المثل على عالم اليمن ومحدثها وحامل لواء السنة في زمانه بدون منازع: أمير العلم والعلماء السيد محمد بن إسماعيل الأمير؛ إذ ناله من الأذى ما ينبغي أن ينال كل متفوق كما قال الشاعر:

  حَسَدُوا الفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالْكُلُّ أَعْدَاءُ لَهُ وَخُصُومُ

  ولكني هنا أمدح الحاسدين، وأدعو للمزعجين الذين اتهموا العلامة الأمير بأنه ناصبي، أي إنه بسبب اهتمامه بالحديث قد انحرف عن الوصي وأهل بيته ورغب عن تراثهم، وسبب مدحي لهم ودعائي أنهم حركوا في البدر الأمير شجنًا كامنًا، ونقشوا حبًّا عارمًا، واستمطروا والله سحابة سخية، واستزرعوا أرضًا خصبة، أو فقل: حركوا أمواج بحر زاخر، ومدوا أكفهم لاستيكاف سحاب ماطر؛ فَدَرَّ السحاب جوهرًا من الفضائل، وقذف البحر جبالاً من در الشمائل، نظمها في عقد التحفة العلوية. ومن عجيب أمر المادح أنه لم يأت بشيء من عنده، بل نظم ببراعته وبلاغته وسعة اطلاعه على الكتاب والسنة ممادح قرآنية إلهية، وشمائل نطق بها أكرم الخلق وسيد بني آدم في المؤمن الأول، والبطل الأول، والعابد الأول، والعالم الأول، والسباق الأول لكل فضيلة كما قال في آخر التحفة:

  كُلُّ مَا لِلصَّحْب مِنْ مَكْرُمَةٍ ... فَلَهُ السَّبْقُ تَرَاهُ الأَوَّلِيَّا

  جُمِعَتْ فِيهِ وَفِيهِمْ فُرِّقَتْ ... فَلِهَذَا فَوْقَهُمْ صَارَ عَلِيَّا

  فالشاعر إنما ينظم آيات، ويسرد أحاديث، وأين يقع مدح المادح بعد مدح الله ورسوله؟ وهل يضيف للشمس شيئًا من قال: إنها ساطعة، والقمر بأنه منير؟ لقد أدرك هذا المعنى شاعر المحدثين السيد الأمير حين قال: