الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

صفحة 164 - الجزء 1

  أَهْلِ الشَّقَاءِ، وَسَكَتَ عن الطائفة الثالثة الذين فازوا بالسعادة بمحبته؛ فلا يَتَوَهَّمُ نَاظِرُ أَنَّ الْبَيْتَ أتى بشيء لا دليل عليه مع أنه مسوق لتمثيله # بعيسى؛ لأنه مثل لعيسى # في أحوال مُتَّبِعِيهِ الثَّلَاثَةِ؛ فهو إشارة إلى الحديث وزيادة.

  إنْ قِيلَ: كيف حَرَّقَهُمْ أَمِيرُ المؤمنين # وقد نهى رسول الله ÷ عن ذلك كما سلف، و هو ثابت في الأحاديث؟! قُلْتُ: لعله # طَمِعَ بإيقادِ النار وَإلْهَابِهَا - وهم يشاهدون ذلك - في أن يكون دَاعِيًا لهم إلى الرُّجُوع والتوبة؛ فلما أصروا على ذلك رأى استحقاقهم لأعظم العقوبات لعظم ماجاؤوا به، وأنه فهم من النهي أنه لا يُحَرَّقُ بالنار إذا لم يَبْلُغ الذنب المُوجِبُ كمثل ذلك، أَوْ أَنه # كان عنده من الرسول إعلام بإحراقهم مُخَصَّصًا للنهي⁣(⁣١). هذا وسيأتي زيادة في البحث في شرح بيت الأمر بمحبته # والنهي عن بغضه إن شاء الله تعالى.

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

  قد شُبه # بِخَمْسَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله ÷: «من أراد أن ينظر إلى آدم في عِلْمِهِ، وَإِلَى نوح في فَهْمِهِ، وإلى إبراهيم في حِلْمِهِ، وإلى يحيى بن زكريا في زُهْدِهِ، وإلى موسى بَطْشِهِ - فَلْيَنْظُرْ إلى علي بن أبي طالب #»⁣(⁣٢) أخرجه أبو الخير الحاكمي⁣(⁣٣). وعن ابن عباس ¦ قال: قال رسول الله ÷: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلى إبراهيمَ في حِلْمِهِ، وإلى نوح في حُكْمِهِ، وإلى يوسفَ فِي جَمَالِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ إلى علي بن أبي طالب» أخرجه الملاء في سيرته انتهى⁣(⁣٤).

  قلت: فقد شبهه ÷ بهؤلاء الخمسة الرسل؛ لاكتسابه # للخصال الشريفة من


(١) روي عن عمار الذهني: أنه قتلهم بالدخان الذي كان يأتي إليهم من الحفرة التي حفرها لهم فماتوا اختناقا، والله أعلم. ينظر الفوائد المنتقاة للمخلص ص ١٥٢.

(٢) الذخائر ص ٩٣ عن أبي الخير الحاكمي، وابن المغازلي ٧، ١٤، والأمالي الخميسية ١/ ١٣٣، والرياض النضرة ٢/ ٢١٨، والحسكاني في شواهد التنزيل ٧٨، ١٠٦ وتاريخ دمشق ٤٢/ ٣١٥.

(٣) أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، فقيه، واعظ، له معرفة بعلوم كثيرة، توفي سنة ٥٩٠ هـ، له الأربعون في فضائل علي، نقل منه الطبري في الفضائل والرياض. سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٩٠.

(٤) الذخائر ص ٩٣، ٩٤ عن الملا، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٣١٣، والرياض النضرة ٢/ ٢١٨.