ذكر بيعته #، وخروجه إلى معاوية، وتسليمه إليه الأمر
  وطهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وأنا مِنْ أَهْلِ البيتِ الذين فَرَضَ اللهُ مَوَدَّتَهُمْ على كل مسلم؛ فقال تعالى لنبيه #: {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ}[الشورى: ٢٣]؛ فَاقْتِرَافُ الحَسَنَةِ مَوَدَّتُنَا أَهْلَ البَيْتِ(١).
ذِكْرُ بَيْعَتِهِ #، وخروجه إلى معاوية، وتَسْلِيْمِهِ إليه الْأَمْرَ
  قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر(٢): لَمَّا قُتِلَ علي بن أبي طالب # بَايَعَ
(١) الذخائر ١٣٨، والذرية الطاهرة ١٠٧ رقم ١١٤، وطبقات ابن سعد ٣/ ٣٨، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٧٩ - ٥٨١، والطبراني في الكبير ٣/ ٧٩ رقم ٢٧١٧ - ٢٧٢٥، والأوسط ٢/ ٣٣٦ رقم ٢١٥٥، ومسند أحمد ١/ ٤٢٥ رقم ١٧١٩، ورقم ١٧٢٠، والحاكم في المستدرك ٣/ ١٧٢، ومسند البزار ٤/ ١٨٠ رقم ١٣٤١، وابن أبي شيبة ٦/ ٣٦٩ رقم ٣٢٠٩٤ ورقم ٣٢١٠٥ ورقم ٣٢١١٠.
(٢) الاستيعاب ١/ ٤٣٧، والذخائر ١٣٨، وفي كلام ابن الأمير، وما نقله عن صلح الحسن بعض الدخل؛ لذلك أحببت نقل كلام السيد الهادي بن إبراهيم في الموضوع من كتابه (تلقيح الألباب) تحت الطبع، بمركز بدر. ومن كلام الحسن بن علي # أن الذي ألجأه إلى المهادنة هو الذي ألجأ النبي ÷ إلى دخول الغار، وألجأ أمير المؤمنين إلى مبايعة أبي بكر حين جمعت حزم الحطب على داره؛ لتحرق بمن فيها من ذرية رسول الله ÷ إن لم يخرج ليبايع [المصابيح لأبي العباس الحسني ص ٢٥٨]. وأما تسليم الحسن # الأمر لمعاوية فغير مسلم أنه سَلَّمَ له الإمامة، ولكنه # صالح معاوية كما صالح رسول الله ÷ سهيل بن عمرو، والصلح جائز بين المسلمين والكفار. ومذهبنا أن الحسن # ما فعل إلا ما هو جائز، ورأى فيه صلاحًا من الهدنة وحقن الدماء، وليس من صالح كافرا، يقال: إنه سَلَّمَ له الأمر، وقد تحكم سهيل بن عمرو في محو اسم رسول الله ÷ حين كان في صلح الرسول ÷ هذا ما صالح عليه رسول الله سهيل بن عمرو، فقال سهيل بن عمرو: لو علمت أنك رسول الله ما حاربتك، وكان كاتب الصلح عَليًّا #، فأمر # بمحو الكلمة، وكان عوضها هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، فإذا كانت النبوءة لم تبطل لهذا؛ فالإمامة دونها وقال: هل كان الصلح عن اختيار من الحسن # ورضى أم كان مدفوعا إليه محمولًا عليه؟
قلت: قد وقع في هذا بحث وكلام طويل لم ينصف فيه السائل والمسؤول، والحق أن الحسن # لم يختر الصلح لمعاوية اختيارًا مجردًا عن الأسباب الموجبة له، ولم يلجأ إليه إلجاء، يدفع الرضا به، فيكون حكمه حكم الملجأ الذي لا اختيار له والذي يدل على الأول أنه لو كان مختارًا للصلح مجردًا عن الأسباب الباعثة عليه والأحوال المؤدية إليه - لم يجمع العساكر ويقصد بها حرب معاوية، ولم يكن ليعقد الرايات، ويحمل المسلمين على الغارات، ولم يكن ليحث الناس على الجهاد ويسيرهم لإزالة البغي والفساد، ويكتب في كتبه التي طارت في البلاد من عبد الله الحسن أمير المؤمنين، ويستمر على هذه مدة مديدة، ويتقمص برد الإمامة التي ألبسه فضلها النص النبوي، وقمصه شرفها المجد العلوي، وبايعه بقية المهاجرين والأنصار، وهو # في خلال ذلك متأهل للإمامة منفذ لأحكام الزعامة؛ فلو كان راضيًا بالصلح على الوجه الذي يدعيه المخالف - لم يكن لشيء من هذا معنى، ولكان يكتب بعد =