الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر اختيار النبي ÷ لها الدار الآخرة:

صفحة 257 - الجزء 1

  وأَوْفَرِ حَظ، فَتَزَفُّ إِلى الجنةِ كَالْعَرُوسِ حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ جَارِيَةٍ⁣(⁣١).

ذكر اختيار النبي ÷ لها الدار الآخرة:

  وأخرج الإمام علي بن موسى الرضا @ عن أسماء بنت عميس أنها كانت عند فاطمة & إذ دخل عليها النبي ÷ وفي عُنْقِهَا قِلَادَةٌ من ذَهَب أتى بها علي بن أبي طالب في سَهْم فيء صار إليه، فقال لها: يا بنية لا تغتري بقول الناس: فاطمة بنتُ محمد - وعليكِ لِبَاسُ جَبَابِرَةٍ! فَقَطَعَتْهَا لِسَاعَتِهَا، وبَاعَتْهَا ليومها، واشْتَرَتْ بالثَّمَنِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتَقَتَهَا! فبلغ ذلك النبي ÷ فَسُرَّ بعتقها، وبارك على فاطمة⁣(⁣٢).

  وعن أحمد بن حنبل من حديث ثوبان قال: قدم رسول الله ÷ مِنْ غَزَاةٍ له فأتى فاطمة & فإذا هو بمسح⁣(⁣٣) على بابها، ورأى الحسن والحسين عليهما قَلْبَينِ من فضة، فرجع رسول الله ÷، فلما رأت فاطمة ذلك ظَنَّتْ أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى؛ فهتكتِ السَّتْرَ ونَزَعَتِ القَلْتَيْنِ من الصَّبِيَّيْنِ فقطعتهما؛ فبكى الصَّبِيَّانِ، فَقَسَمَتْهُ بينهما، فانْطَلَقَا إلى رسول الله ÷ وهما يبكيان، فأخذه رسول الله ÷ منهما فقال: «يا ثَوْبَانُ اذهب بهذا إلى بني فلانٍ أهلِ بَيْتٍ في المدينة؛ فَاشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلَادةً مِنْ عَضَبِ، وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاج؛ فَإِنَّ هؤلاء أهل بيتي؛ ولا أُحِبُّ أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا»⁣(⁣٤).

  شرح: (الْعَصَبُ): قال أبو موسى⁣(⁣٥): يحتمل أن الرواية بفتح الصاد، وهو أطناب مفَاصِل الحيوانات، وهي شيء مُدَوَّر [القاموس ١٤٨]، ويحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شِبْهَ الخَرَزِ، فَإِذَا


(١) صحيفة علي بن موسى الرضا ص ٤٦٠، وذخائر العقبى ص ٤٨.

(٢) صحيفة علي بن موسى الرضا ص ٤٦١.

(٣) مسح على وزن ملح، ثوب من الشعر، غليظ المختار ٦٢٤، وقوله: قلبين بفتح القاف: أي سوارين. مختار ص ٥٤٧، وتاج العروس ٤/ ٢٠٥.

(٤) أحمد في مسنده ٨/ ٣٢٠ رقم ٢٢٤٢٦، وذخائر العقبي ص ٥١.

(٥) محمد بن أبي بكر المديني الأصفهاني، محدث، حافظ، توفي سنة ٥٨١ هـ، له كتاب في غريب الحديث، استدرك ما فات الهروي من غريب الحديث والقرآن. النهاية ١/ ٩.