(ذكر ما خصه الله من فتح بابه إلى مسجده ÷ وسد ما عداه من الأبواب):
  فاض عنه منها ما يأتيك من دلائل ذلك قريبًا؛ ولما كان الشيء بالشيء يذكر - ذكر البوصيري (شَقَّ البَدْرِ عند شَقُّ الصَّدْرِ) بقوله:
  شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ وَشُقَّ له الْبَدَّ ... رُ ومِنْ شَرْطِ كُلِّ شَرْطٍ جَزَاءُ(١)
  انفتح لنا من ذلك خصوصية بهذا الباب المعنوي:
(ذِكْرُ ما خصه الله من فتح بابه إلى مسجده ÷ وسد ما عداه من الأبواب):
  كما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب النبي أبواب ÷ إلى المسجد قال: فقال يَوْمًا: «سُدُّوا هَذِهِ الأبوابَ إِلَّا بَابَ علي»، قال: فتكلم في ذلك ناس، قال: فقام رسول الله ÷ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فإني لما أمرْتُ بِسَدِّ هذه الأبواب غير بابِ عَليَّ فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سَدَدْتُ شَيْئًا، ولا فتحتُ شيئًا، ولكن أُمِرْتُ بشيء فَاتَّبَعْتُهُ(٢).
  وأخرج أحمد من حديث ابن عمر قال: «لقد أوْتِيَ ابْنُ أبي طالب ثَلاثَ
(١) ديوان البوصيري ص ٥٨، وفيه: شُقّ عن صدره، وفي شرح الهمزية ص ٣٢٥: وفي نسخة عن قلبه.
(٢) حديث سد الأبواب رواه أحمد في فضائل الصحابة ٢/ ٧٠٠ رقم ٩٥٥ عن ابن عمر، وص ٧١٩ رقم ٩٨٥ عن زيد بن أرقم، قال في مجمع الزوائد: ٩/ ٢٨٤: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وشرح مشكل الآثار ٩/ ١٨٢ - ١٩٠ رقم ٣٥٥١ - ٣٥٦١، ورواه ابن مندة في كتاب مناقب العباس، عن عبدالله بن عباس. ينظر العمدة لابن البطريق ص ٢٢٦، والترمذي ٥/ ٥٩٩ رقم ٣٧٣٣، والنسائي في الخصائص ص ٤٦ عن ابن عباس والمرشد بالله ١/ ٤٢، والمستدرك ٣/ ١٢٥، وأحمد في المسند ٧/ ٧٩ رقم ١٩٣٠٧، وابن أبي شيبة ٦/ ٣٧٠ رقم ٣٢٠٩٩، و تاريخ بغداد ٧/ ٢٠٥، والطبراني في الكبير ٢/ ٢٤٦ رقم ٢٠٣١ و ١٢/ ٩٧ رقم ١٢٥٩٣، والأوسط ٤/ ١٨٦ رقم ٣٩٣٠، ومناقب ابن المغازلي ٢٢٦ - ٢٣١ رقم ٣٠٣ - ٣٠٩، وحلية الأولياء ٤/ ١٦٨، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٩٩، ١٠٠، ١٠٢، ١٢١، ١٣٧، ١٣٨، ١٩٥، ٤٣٢، ٤٣٥، وغيرها، وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقد توسع في الرد عليه ابن حجر في القول المسدد ص ١٦، وقال بعد كلام طويل: وهو حديث مشهور، له طرق متعددة، كل طريق منها على انفرادها لا تقتصر عن رتبة الحسن، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث. وقال في فتح الباري ٧/ ١٤: إن الأمر بسد الأبواب إلا باب علي صحيح لا نطعن فيه. وقال: إن ظاهره يعارض سد الأبواب إلا باب أبي بكر، وبما أن الحديث في علي أصح وأرجح فقد وفق بينهما بأن حمل باب أبي بكر على الخوخة أي النافذة، وأما علي فبابه على الحقيقة، وكان يَمُرُّ وهو جُنُب، وساق رواية عن الترمذي ٥/ ٥٩٧ رقم ٣٧٢٧: لا يحل لأحد يُجْنِبُ في هذا المسجد غيري وغَيْرُك. قلت: ولعل الرواية في أبي بكر يراد بها معارضة الفضيلة التي اختصها الله بعلي كما هو معروف؛ فإن فضائل علي لا تكاد تسلم من الغمز واللمز.