ذكر ذلك أبو الفرج⁣^(⁣١). ولَمَّا دُفِنَ # قام صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ⁣^(⁣٢) وأخذ التراب ووضعه على رأسه وأنشد:

  أَلا مَنْ لي بِنَشْرِكَ يَا أُخَيَّا ... ومَنْ لي أَنْ أَبَثّكَ مَا لَدَيَّا

  طَوَتْكَ مَتُونُ دَهْرِكَ بَعْدَ نَشْرٍ ... كَذَلِكَ دَأْبَهُ نَشْرًا وَطَيَا

  كَفَى حَزَنَا بِدَفْنِكَ ثُمَّ إِنِّي ... نَفَضْتُ تُرَابَ قَبْرِكَ مِنْ يَدَيَّا

  بَكَيْتُكَ يَا عَلَيَّ بِمِلء عَيْنِي ... فَمَا يُغْنِي بُكَائِي عَنْكَ شَيَّا

  وكَانَتْ فِي حَيَاتِكَ لي عِظَاةٌ ... فَأَنْتَ الْيَوْمَ أَوْعَظُ مِنْكَ حَيًّا⁣^(⁣٣)

  قال المحب الطبري ¦ [الذخائر ٩٧]:

ذِكْرَ مَا ذُكر من الآية التي ظهرت في بيت الْمَقْدِسِ لِمَوْتِ عَلِيَّ #

  عن ابن شهاب قال: قدمت دمشق وأنا أريد العراق، فأتيتُ عبد الملك لِأُسَلَّمَ عليه، فَوَجَدْتُهُ في قبة على فراش يَفُوتُ القائم، وتحته سِمَاطَانِ⁣^(⁣٤)، فسلمت ثم جلست فقال: يا بن شِهَابٍ أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب؟ قلتُ: نعم، قال: هَلُمَّ، فقمتُ من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة وحَوَّلَ وجهه وانحنى عَلَيَّ، فقال: ما كان؟ قلتُ: لم يُرْفَعْ حَجَرٌ من بيت المقدس إلا وتحته دم! فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغَيْرُكَ، فَلَا يسمعوا منك؛ فما حَدَّثْتُ به حتى توفي، أخرجه الضحاك⁣^(⁣٥).

(١) مقاتل الطالبيين ٢٨.

(٢) العبدي، أسلم في عهد النبي ÷ ولم يره، كان خطيبًا فصيحًا، وهو من أصحاب علي، وله مع معاوية مواقف. ينظر: أسد الغابة ٣/ ٢١.

(٣) الأبيات في أمالي المرشد بالله ٢/ ١٠٧، والحدائق الوردية ١/ ١٠١ باختلاف يسير، ومناقب آل أبي طالب للمازندراني ٣/ ٣٦٠.

(٤) السماطان من النخل والناس الجانبان، يقال: مشى بين السماطين المختار ٣١٣، واللسان ٦/ ٣٦٣.

(٥) الذخائر ١١٥، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٦٨، والحاكم في المستدرك ٣/ ١١٣.