الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

[ذكر ورعه #]

صفحة 347 - الجزء 1

  «الْعَفَافُ زيْنَةُ الْفَقْر، والشُّكْرُ زِيْنَةُ الْغِنَى»، ومنها: «قِيْمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ» - قال الشريف: هَذِهِ الْكَلِمَةُ التي لَا تُصَابُ لَهَا قِيْمَةٌ، وَلَا تُوزَنُ بها حِكْمَةٌ، ولا تُقْرَنُ إليها كَلِمَةٌ. ومنها: «مَنْ تَرَكَ قَوْلَ: لَا أَدْرِي، أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ». ومنها: «عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الاِسْتِغْفَارُ». ومنها: «رُبَّ عَالِمٍ قَتَلَهُ جَهْلُهُ، وَعِلْمُهُ مَعَهُ لَا يَنْفَعُهُ». ومنها: «لَا يَعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ وإِنْ طَالَ بِهِ الزَّمَانُ». ومنها: «عَاتِبْ أَخَاكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وارْدُدْ شَرَّهُ بِالْإِنْعَام عَلَيْهِ»، ومنها: «مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوْضِعَ التُّهْمَةِ فَلَا يَلُوْمَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ». ومنها: «مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ». ومنها: «مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لَا يَقْضِي حَقَّهُ فَقَدْ عَبَدَهُ». ومنها: «لَا يُعَابُ الْمَرْءُ بِتَأْخِيْرِ حَقِّهِ، إِنَّمَا يُعَابُ مَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ». ومنها: «إِذَا هِبْتَ أَمْرًا فَقَعْ فِيْهِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقّعِهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ». ومنها: «مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الرَّأْيِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَأ». ومنها: «ثَمَرَةُ التَّفْرِيْطِ النَّدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلَامَةُ». ومنها: «مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ». ومنها: «لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحِكْمَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْل». ومنها: «لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ»، ومنها: «كُلُّ وِعَاءٍ يَضِيقُ بِمَا فِيْهِ إِلَّا وِعَاءَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ بِهِ». ومنها: «مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ»⁣(⁣١).

  فهذه قَرِيْبُ مِائَةِ كَلِمَةٍ عَذْبَةِ الْأَلْفَاظِ حلوة المعاني، حَقُهَا أن تُكتَبَ بِمَاءِ الذَّهَبِ، وَأَنْ تُجْعَلَ مِنْ جملة محفوظاتِ أُولِي الْأَدبِ، وَيَتَّضِحُ بها وبما قبلها أنه # إمامُ البُلَغَاءِ بالاتفاق، وسَيّدُ فُصَحَاءِ الآفَاقِ؛ فقد جمع الناس من كلماته أنواعًا من الألوف والمئين، والخطب والرسائل، وما ذكرناه في هذه الكلمات المشروحة بها الأبيات فيها كفاية قوله:

  ٥٨ - لازم الْمِحْرَابَ وَالحَرْبَ إِلَى ... أَنْ أَتَى أَشْقَى الوَرَى الأَمْرَ الفَرِيا

  المحرابُ: مَحَلُّ الْحَرْبِ، وسُمِّيَ مَوضِعُ العبادة محرابا؛ لأنه محل حرب


(١) وردت في شرح النهج في الحكم المنسوبة لعلي # ٥/ ٥٠٢، والحدائق ١٣٤ - ١٣٥، والنهج ٧٢٧ رقم ٢٢٣.