[القسم الأول سبب الغفلة عن الموت وعدم اختيار ما يفضي إلى السعادة الطويلة]
  وقَصْرِ الأمل، مما لا يكاد ينحصر، كقوله ÷: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَاتِ؛ فَإِنَّهُ مَا كَانَ فِي كَثِيْرٍ إِلَّا قَلَّلَهُ، وَلَا قَلِيْلٍ إِلَّا جَزأهُ»(١) أي كفاه.
  ورد هذا الحديث بهذا اللفظ وبما في معناه في عدة كتب، من عدة طرق، تنتهي إلى عدة من الصحابة؛ كابن عمر، وأنس، وأبي هريرة، وفي بعض طرقه: «فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضَيقٍ مِنْ الْعَيْشِ إِلَّا وَسَّعَهُ، وَلَا فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَهُ عَلَيْهِ»(٢).
(١) أخرج السيد العلامة محمد بن يحيى حفظه الله تعالى في: المختار من صحيح الأحاديث والآثار [٢٥٣]، عن أمير المؤمنين ~ أنه ÷ قال: «أديموا ذكر هاذم اللذات»، قالوا: وما هاذم اللذات يا رسول اللَّه؟ قال: «الموت، فإنه من أكثر ذكر الموت سلا عن الشهوات، ومن سلا عن الشهوات هانت عليه المصيبات، ومن هانت عليه المصيبات سارع إلى الخيرات». وفي مسند الإمام زيد بن علي @ [٢٨٠] رقم (٦٠٩) مثله، ومثله في: تيسير المطالب في أمالي أبي طالب # [٥٧٧] برقم (٨١٥). وبلفظ الإمام أخرجه الطبراني في الأوسط [٦/ ٥٦] رقم (٥٧٨٠)، والبيهقي في شعب الإيمان [١٣/ ١٣٧] رقم (١٠٠٧٤).
والموت هاذم اللذات أي: قاطعها في سرعة، انشغالاً بأمره والتفكر فيه وفي عاقبته بالتوجه لإصلاح العمل والسعي فيما يحمد عاقبته بعد الموت؛ لأن العبد بتذكر الموت ينسى أمر شهوته أو يكاد، فلا يبالي بما يعترضه من المصائب في مقابل ما ينتظره من حياة أبدية فيسارع إلى فعل كل خير.
(٢) أخرجه: ابن حبان [٧/ ٢٦٠] رقم (٢٩٩٣)، والبزار [١٣/ ٣٥٢] رقم (٦٩٨٧).