المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[النوع الثاني: العجب]

صفحة 45 - الجزء 1

  هو حاصل لهم من كثرتهم، حيث قال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} الآية. [التوبة ٢٥].

  وبقوله ÷: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ رأسَهُ، يَخْتَالُ في مشيته، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»⁣(⁣١). رواه البخاري، ومسلم. مُرَجِّلٌ: بمعنى: مُمَشِّط.

  نعم، لا قبح في نفس المسرة؛ إذ لا تندفع؛ إنما القبيح ما يصحبها، مما يوهم التطاول والافتخار على من ليس مثله فيما حصل له، أو أن يعتقد أنه يستحق لأجل ما حصل له تعظيمَ الناس إياه، أو منزلةً رفيعة عند الله، على القطع؛ فيعود إلى معنى الكبر.

[لا اعتبار لما يحصل به الإعجاب في قبح العُجب]

  تنبيه: ولا فرق بين أن يكون ذلك الأمر الحاصل به الإعجاب اضطرارياً كجمال أو فصاحة، أو كثرة عشيرة أو مال أو بنين، أو اختياريًّا⁣(⁣٢) كَـ: كثرة علم، أو عبادة، أو إعطاء، أو إقدام؛ فإن العُجُب بذلك كله قبيح شرعًا، ولا نعرف فيه خلافًا.


(١) البخاري [٧/ ١٤١] برقم (٥٧٨٩)، ومسلم [٣/ ١٦٥٣] برقم [٤٩ - (٢٠٨٨)]. يتجلجل: يغوص في الأرض، والجلجلة: حركة مع صوت.

(٢) الاختياري: ما حصل فيك (ككثرة العلوم المكتسبة) أو لك (ككثرة عبادة) باختيارك، والاضطراري: ما حصل فيك (كالعلوم الضرورية والجمال) أو لك (ككثرة المال أو البنين) ولم يقف على اختيارك.