باب ذكر الديون
  (ص) وحق المخلوقين إن كانوا معينين فهو أولى بالتقديم من حق الله سبحانه لأنه يجوز صرف حق الله سبحانه إلى غير معين من المستحقين والآدمي معين فالمعين أولى، فإن استويا في الوجوب ولزمه ذلك كان له أن يصرفه فيمن لا تجب عليه نفقته من أقاربه بل ربما يكون ذلك أولى.
  ومن كان عليه دين لله سبحانه وللمخلوقين ومعه شيء يسيرٌ لا بد له منه لكسوة أو نفقة لا يجد به عوضاً، إن(١) الوجوب الأداء والحال هذه تختلف بكثرة الدين وقلته وسعة المصر وضيقه، فإن كان الدين كثيراً والذي في يده يسير وهو مفلسٌ جاز له(٢) الانتفاع باليسير لنفسه وولده، وكذلك إن كان مضطراً ضيق الحال قليل الاكتساب وكان معه القدر الذي إن قضى به دينه أدى إلى تلفه وتلف أهله أو الإجحاف بحالهم كان له أن يتمتع باليسير إلى أن يأتي الله سبحانه بالفرج مما نزل به، وإن كان معه اليسير وعليه من الدين اليسير فهو في حكم الغني وعليه القضاء وإن لحقه بعض الضرر لأن الحقوق لا يسقط عنه وجوبها بالاستضرار.
  ومن طولب بدين عليه وليس معه إلا ما لا غنا به عنه كان الأمر موكولاً إلى رأي الحاكم، فإن رأى المصلحة في القضاء حكم عليه، وإن رأى أنه يدع لمن عليه الدين شيئاً فعل.
  وإذا كان الدين مستغرقاً للتركة كان أولى من نفقة الأولاد الصغار ومؤنتهم ويتعين فرضهم على المسلمين أو على بيت المال، وإن(٣) كانت عليه ديون لمسجد فعمر فيه وحمل على دوابه لقضاء دينه ولم يعلم وجوب إذن الإمام إن ذلك يجزيه
(١) في (ب): لأن.
(٢) زيادة في (ب).
(٣) في (ب): ومن.