المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب النذور

صفحة 353 - الجزء 1

  وإن كان أكثر من ذلك نفذ منه الثلث وكان ما زاد على الثلث تركه، وإن اشتمل الوقف على الجملة انتقض؛ لأن من شرطه القربة، فإن أعطى النساء ما يعدل نصيبهن مما وقف على الرجال صح الوقف وكذلك إن رضين بالوقف، وإذا وقف الوارث ماله عما عليه من الحقوق أو على ابنه جاز وأجزاه إلى قدر ما يحصل منها وما زاد فهو عند الله سبحانه.

  ومن وقف ثلث ماله أو دونه على نفسه وأولاده الذكور والإناث فإذا انقرضوا كان لأولاد الذكور دون الإناث، إن هذا الوقف لا يصح؛ لأن من شرطه القربة وفي هذا الوقف قطع الوارث من الإرث.

  ومن وقف عبيداً⁣(⁣١) بعد موته وجعل منافعهم لأنفسهم صح ذلك إذا كانوا من أهل الصلاح، وإن لم يكونوا أعفاء ولم يكن فيهم طلب الآخرة فالذي أرى أن وقفهم لا قربة فيه لأنه يكون تمكيناً لهم من المعاصي.

  فإن قيل بأنه تمكين من الطاعات، قيل: هم متمكنون من الطاعة الكاملة⁣(⁣٢) مع الرق الذي ثوابها يرجح ثواب الأحرار كما في الأخبار الشريفة، فإن ادعى عليه أنه وقفاً مشاعاً وأنكر، فعلى المدعي البينة لأنه يروم نقض العقد واليمين على الواقف فيما ادعى عليه، ومن علم من حاله استغراق المظالم والحقوق لماله فإن وقفه لماله يصح؛ لأن الحقوق والمظالم تتعلق بذمته ثم تنتقل إلى المال بعد الموت.

  وإذا وقف عيون ماءٍ ولإنسان نصيب فيها في وقتٍ معلوم، إن الوقف يتناول الأرض دون الماء، والماء يجري مجرى الحق والمنفعة فله أخذ نصيبه برضى الموقوف


(١) في (ب): عبيده.

(٢) سقط من (ب).