المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب من تصح شهادته (ومن لاتصح)

صفحة 386 - الجزء 1

  فشهادة الضرورة تنقسم إلى شهادة النساء، وشهادة أهل الملل بعضهم لبعض، وشهادة المخالفين لنا في ديننا، وشهادة الفساق من جهة التصريح عند عدم غيرهم، وقد روي عن علي # أنه أجاز شهادة الصبيان بعضهم على بعض قبل رجوعهم إلى أهاليهم.

  فأما شهادة النساء فلما كانت ضرورة ولا يطلع على أحوالهن في الأغلب غيرهن كانت شهادتهن صحيحة لأجل هذه العلة وإن انفردن عن الرجال، ولما كان في الجائز أن لا تحضر إلا امرأة واحدة قبلت شهادة الواحدة ولم يقع مثل ذلك في شيء من الأحكام لما كانت ضرورة كاستهلاك المولود وحوادث الفروج.

  ولما كان أهل الملل يغلب عليهم الإنفصال عن غيرهم وانفرادهم بأنفسهم في كثير من أحوالهم صحت شهادة بعضهم على بعض⁣(⁣١) وإن كانوا غير عدول على مقتضى شرع الإسلام النبوي زاده الله جلالة وعلواً، ورفعةً وسمواً، فتقبل شهادة اليهودي على اليهودي، والنصراني على النصراني، والمجوسي على المجوسي إلى غير ذلك [من أنواع الكفر]⁣(⁣٢)، وقد أمرنا سبحانه بالحكم بينهم فقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ... الآية}⁣[المائدة: ٤٤] والحكم رحمك الله لا مبني له ولا محال إلا على الشهادة، ولا يشهد بينهم إلا هم في أغلب الأحوال، وقال سبحانه في شهادة المخالفين لنا في ديننا إذا اضطررنا إلى الشهادة لأن من الجائز أن لا يحضرنا غيرهم وذلك قد كان ويكون، فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُم


(١) في (ب): بعضهم.

(٢) سقط من (ب).